شارك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في القمة الثلاثية بين تركيا وأذربيجان وباكستان، التي عُقدت في مدينة لاتشين الأذربيجانية، حيث التقى الرئيس أردوغان نظيره الأذربيجاني إلهام علييف ورئيس وزراء باكستان شهباز شريف على هامش القمة، وجرى بحث سبل تعزيز التعاون الثلاثي في مختلف المجالات.

ألقى الرئيس "رجب طيب أردوغان"، كلمة خلال القمة، أشار فيها إلى أنهم اجتمعوا في الاجتماع -الثاني للقمة الثلاثية بين تركيا وأذربيجان وباكستان، والتي عُقد أولها العام الماضي في أستانا.

وتقدّم الرئيس أ ردوغان بالشكر إلى رئيس أذربيجان علييف على حسن الضيافة الصادقة، وهنأه بمناسبة يوم استقلال أذربيجان.

"نعزز الروابط بين دولنا أكثر فأكثر"

وأحيا الرئيس أردوغان ذكرى الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل استقلال أذربيجان بالرحمة، وقال: "نحن ثلاث دول شقيقة تتغذى من نفس المناخ الحضاري، وتتقاسم القيم المشتركة، وتقوم علاقاتها على المحبة والاحترام والثقة المتبادلة. ونعزز الروابط بين دولنا التي يبلغ مجموع سكانها نحو 350 مليون نسمة، ويصل حجمها الاقتصادي إلى 1.5 تريليون دولار، أكثر فأكثر".

وأكد الرئيس أردوغان أنهم يدعمون كل خطوة تُتخذ لتحويل هذا التكاتف إلى شراكة استراتيجية، وأضاف: "تُظهر التطورات التي تشهدها منطقتنا يومًا بعد يوم مدى أهمية التضامن بين دولنا. مع تحرير أراضي أذربيجان التي ظلت محتلة لمدة 30 عامًا، نرغب الآن في أن تصبح منطقتنا محورًا للاستقرار والازدهار والتنمية. أؤمن أن مطار لاتشين الذي افتتحناه صباح اليوم سيساهم مساهمة كبيرة في التنمية التي كانت المنطقة تفتقدها منذ سنوات طويلة، وفي اندماجها مع العالم".

"أملُنا أن يتحول وقف إطلاق النار بين باكستان والهند إلى سلام دائم"

وتذكّر الرئيس أردوغان باستضافة رئيس وزراء باكستان "شهباز شريف" في إسطنبول يوم الأحد، 25 أيار/ مايو، قائلاً: "راجعنا خلال لقائنا سير التعاون ضمن إطار مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى. وقد توافقنا على تعزيز العلاقات التاريخية والإنسانية المتجذرة بين تركيا وباكستان أكثر فأكثر. وبهذه المناسبة، أود أن أعرب عن سعادتنا لانتهاء التوتر الذي اندلع بين باكستان والهند بإعلان وقف إطلاق النار. أهنئ أخي شهباز والسلطات الباكستانية مرة أخرى على موقفهم الهادئ والحكيم طوال العملية. وأملنا هو أن يتحول وقف إطلاق النار المُعلن إلى سلام دائم. وتركيا مستعدة لتقديم كل مساهمة ممكنة في هذا الطريق".

"تطوير قدرتنا على التحرك المشترك ليس خيارًا، بل ضرورة"

وأشار الرئيس رجب طيب أردوغان إلى أن تركيا وأذربيجان وباكستان تتموضع في منطقة شديدة الاستراتيجية عند نقطة التقاء أوراسيا، قائلاً: "نواجه في جغرافياتنا وما وراءها العديد من التحديات في آن واحد، من التهديدات الأمنية إلى الأزمات الاقتصادية، ومن أزمات الطاقة والغذاء. ونرى أن تعزيز التضامن وتطوير قدرتنا على التحرك المشترك ليس خيارًا، بل ضرورة".

وأكد الرئيس أردوغان أنه جرى خلال قمة اليوم تبادل وجهات النظر بشأن مواضيع هامة من أجل تعزيز التعاون بين الدول الثلاث، قائلاً: "في الفترة المقبلة، سيقوم وزراء خارجيتنا بالعمل اللازم من أجل مأسسة تعاوننا الثلاثي. وسيقومون بإعداد إطار قوي يعكس الرؤية المشتركة لدولنا، خاصةً في مواضيع تشكل أجندتنا المشتركة مثل التجارة، والاستثمارات، والنقل، والطاقة، وصناعة الدفاع، ومكافحة الإرهاب".

"سنسهم معًا في مشاريع مثل طريق التنمية وممر النقل الشمالي-الجنوبي"

وأفاد الرئيس رجب طيب أردوغان بأنه سيتم تنظيم قمم ثلاثية منتظمة واجتماعات على مستوى الوزراء بمشاركة تركيا وأذربيجان وباكستان، ومن خلال هذا، سيتم إضفاء الطابع المؤسسي على التعاونات التي سيتم تنفيذها.

وفي هذا السياق، أشار الرئيس أردوغان إلى أنه سيتم تعميق التعاون في مجال الدفاع، والحفاظ على العزم المشترك ضد الإرهاب والتهديدات العابرة للحدود، مضيفًا ما يلي: "سنهدف إلى اتخاذ خطوات مشتركة في مجالات تسهيل التجارة، وتشجيع الاستثمارات، والتحول الرقمي. وفي موضوع النقل، الذي يشكل بُعدًا استراتيجيًا للغاية في تعاوننا، سنسهم معًا في مشاريع مثل طريق التنمية، والممر الأوسط، وممر النقل الشمالي-الجنوبي. وسنعمل على مشاريع تعزز التفاعل المتبادل بين شبابنا وأكاديمينا، خاصة في مجالي الثقافة والتعليم. وسنقيّم معًا الفرص في مجالات أمن الطاقة، وأمن إمدادات الغذاء، والطاقة المتجددة. وإن شاء الله، من خلال تنفيذ مشاريع مرموقة في جميع هذه المجالات، سنرتقي بتعاوننا الثلاثي إلى مستويات أعلى، وسنُكسب شعوبنا إنجازات جديدة".

"ندعو العالم بأسره إلى زيادة الضغط على الإدارة الإسرائيلية"

وشدّد الرئيس رجب طيب أردوغان على أنهم يشهدون في أيامنا هذه، التي تتعمق فيها الاستقطابات وتزداد فيها التكتلات، انجراف النظام الدولي نحو أزمة شرعية، وتابع بقوله: "إن المثال الواضح على الأزمة التي يمر بها النظام الدولي في هذه المرحلة يتمثل في مظالم إسرائيل المستمرة في فلسطين، والسياسات التوسعية التي تنتهجها في مواجهة هذه المظالم. نحن عازمون على مواصلة الدفاع عن حقوق الأطفال الأبرياء والناس الذين يُقتلون في غزة أمام مرأى ومسمع الجميع. أودّ أن أؤكد مرة أخرى أننا سنقف في وجه جميع المحاولات التي تسعى إلى زعزعة السلام في منطقتنا. لقد شبعت جغرافيتنا من الدماء والدموع. ومن هنا، ندعو العالم بأسره إلى زيادة الضغط على الإدارة الإسرائيلية من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار في غزة، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة والمستمرة إلى غزة".

وفي ختام كلمته، وجّه الرئيس أردوغان شكره إلى رئيس جمهورية أذربيجان علييف والشعب الأذربيجاني على ضيافتهم الصادقة، قائلاً: "نسأل الله أن يفتح طريقنا وييسر أمرنا، وأن يديم أخوّتنا ويحفظ وحدتنا". (İLKHA)