الأستاذ حسن ساباز: الطلاء يتساقط و الوقع ينكشف
يؤكد الأستاذ حسن ساباز أن تصاعد الغضب داخل المجتمع الأمريكي لا يرتبط فقط بالاعتبارات الإنسانية لغزة، بل برفض الطبقة الوسطى لإنفاق أموالها على دعم الاحتلال دون عائد، ما دفع واشنطن لمحاولات تضليل الرأي العام بقضايا جانبية.
كتب الأستاذ حسن ساباز مقالاً جاء فيه:
تشهد الولايات المتحدة، بوصفها الداعم الأكبر للإبادة الجماعية الجارية في غزة، تصاعدًا ملحوظًا في ردود الفعل المجتمعية، الأمر الذي دفع الإدارة الأمريكية منذ فترة إلى البحث عن استراتيجيات جديدة لاحتواء هذا الغضب.
فصحيح أن شريحة من الرأي العام الأمريكي تُبدي مواقف إنسانية صادقة وتعارض الإبادة، إلا أن ما يقلق الإدارة فعليًا هو امتعاض المواطن الأمريكي العادي، المشبع بثقافة الرأسمالية، من تقديم الأموال والأسلحة الأمريكية مجانًا للاحتلال الصهيوني دون أي عائد ملموس، فالطبقة الوسطى التي لا تميل عادة إلى الانخراط في القضايا الاجتماعية، تنزعج من إنفاق ضرائبها على ما تراه ملفًا بلا مردود.
ورغم جاذبية شعار أمريكا القوية لدى هذه الشريحة، فإنها اعتادت أن ترى لكل إنفاق أو تدخل خارجي مكسبًا اقتصاديًا أو استراتيجيًا، غير أن الدعم المقدم للاحتلال الصهيوني يبدو، من منظور اقتصادي، ثقبًا أسوداً لا يحقق أي فائدة.
وفي هذا السياق، لجأت الإدارة الأمريكية إلى إثارة قضايا جانبية، مثل الادعاء بوجود اضطهاد للبيض في جنوب أفريقيا، أو قتل المسيحيين في نيجيريا، في محاولة لتحويل بوصلة الغضب الشعبي بعيدًا عن غزة، غير أن الواقع يختلف جذريًا عن هذه الادعاءات.
ففي جنوب أفريقيا، التي يبلغ عدد سكانها نحو 60 مليون نسمة، لا تتجاوز نسبة البيض 8% من السكان، ومع ذلك يملكون قرابة 65% من الأراضي، وهي ملكيات تشكلت إلى حد كبير في ظل امتيازات نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد)، أما مزاعم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن قتل المزارعين البيض، فتفتقر إلى أي أساس متماسك، إذ تشير دراسة استندت إلى الربع الأول من العام الماضي إلى وقوع 77 هجومًا على مزارع، أسفرت عن 9 حالات قتل فقط، دون أن تكون جميع المزارع أو الضحايا من البيض، فضلًا عن أن معدلات الجريمة في جنوب أفريقيا مرتفعة عمومًا، وقد سقط عدد أكبر بكثير من السود ضحايا لجرائم مماثلة.
كما أن عدد المزارع المملوكة للبيض في جنوب أفريقيا يُقدّر بنحو 44 ألف مزرعة، بينما تُسجَّل في الولايات المتحدة نفسها، خلال الفترات الزمنية ذاتها، أعداد أكبر من ضحايا الهجمات العنيفة.
ومن الواضح أن ترامب يوظف خطاب اضطهاد المزارعين البيض لاستمالة قاعدته الانتخابية من البيض الأمريكيين وتحقيق مكاسب سياسية داخلية، إلا أن ثمة بُعدًا أكثر خطورة في هذه القضية، فجنوب أفريقيا كانت قد رفعت دعوى إبادة جماعية ضد الاحتلال الصهيوني أمام محكمة العدل الدولية، وهو ما شجع دولًا أخرى على الانضمام إلى القضية، ورغم أن هذه الدعوى قد لا تُفضي فورًا إلى نتائج عملية، إلا أنها تحمل أهمية رمزية كبرى، إذ أسقطت صورة اليهودي الضحية التي روّج لها الصهاينة لعقود، وجرّدتهم من درع الحصانة الذي احتموا به تحت ذريعة معاداة السامية، مثبتة في الوعي العالمي طبيعة مشروعهم الإجرامية.
أما الادعاء المتعلق بقتل المسيحيين في نيجيريا، فيبدو محاولة إضافية لتفادي اتهام واشنطن بالانحياز العرقي، إذ لو كانت الولايات المتحدة معنية حقًا بحماية المسيحيين، لوقفت بوجه المجازر التي ارتكبتها الحكومة الإثيوبية المسيحية بحق إقليم تيغراي ذي الغالبية المسيحية.
وفي نيجيريا، تعود الاشتباكات بين الرعاة المسلمين والمزارعين المسيحيين إلى نزاع قديم ذي أبعاد اقتصادية واجتماعية، وليس دينية، حيث تُظهر الأرقام سقوط ضحايا من الطرفين بأعداد متقاربة، إلى جانب أن هجمات الجماعات التكفيرية أودت بحياة أعداد أكبر من المسلمين أنفسهم.
في المحصلة، تسعى الإدارة الأمريكية من جهة إلى ترميم صورتها أمام ناخبيها، ومن جهة أخرى إلى معاقبة الأطراف التي وضعت الاحتلال الصهيوني في موضع الاتهام، غير أن الحقيقة باتت مكشوفة، وقد تقشّرت الدهانات، وانكشف الواقع كما هو.
لقد أُدين مرتكبو الإبادة، وكل من دعمهم، في محكمة الضمير الإنساني. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
يؤكد الأستاذ عبد الله أصلان أن نجاح مسار إنهاء العنف في تركيا مرهون بجدية التنفيذ على الأرض، ولا سيما نزع السلاح وحسم البعد السوري بوصفه عنصرًا حاسمًا في العملية، ويخلص إلى أن السلام المستدام لا يقوم على حسابات الربح السياسي، بل على تحييد العنف ليكون الوطن بأكمله هو المنتصر.
أكد الأستاذ محمد كوكطاش أن المجتمع وصل إلى مرحلة خطيرة من التدهور الأخلاقي والقيمي، محذرًا من أن استمرار هذا الانحدار قد يؤدي إلى أن يستبدل الله هذا المجتمع بغيره إن لم يُصلح نفسه ويعود إلى طريق الحق.
يبرز الأستاذ عبد الله أصلان التدهور الأخلاقي المتسارع في المجتمع، ثم يلفت الانتباه إلى ضرورة تذكّر ذوي الإعاقة ومعاناتهم اليومية، ويؤكد أن بناء مجتمع عادل يبدأ من صون حقوقهم، وأن قوة أي مجتمع تُقاس بقدرته على حماية أضعف أفراده.