الأستاذ حسن ساباز: من هو الجلاد؟
يسلّط الأستاذ حسن ساباز الضوء على الجدل السياسي حول وصف “الجلّاد” بين الأحزاب التركية، مبرزًا أن ما يجري يعكس صراعًا أعمق مرتبطًا بإرث الحزب الواحد وذاكرة الماضي التي لم تُكشف صفحاتها بعد.
كتب الأستاذ حسن ساباز مقالاً جاء فيه:
تصاعد خلال الأيام الماضية جدل واسع في الساحة السياسية التركية حول مفهوم "الجلّاد"، بعد تصريحات رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزَل الذي وجّه انتقادات لحزب DEM قائلاً: "أدعوكم إلى عدم الوقوع في متلازمة ستوكهولم، وألّا تعشقوا جلّادكم"، أثارت هذه العبارة ردود فعل قوية، خصوصًا لدى قيادات حزب DEM وقاعدته الشعبية.
الرئيسة المشاركة للحزب، هاتيم أوغولاري، وصفت كلمات أوزَل بأنها "حالة من العمى العقلي"، فيما ذهب الرئيس المشارك الآخر باقر خان إلى موقف أكثر تشددًا حين قال: "إذا فتحنا دفتر الجلّادين وتحدثنا عن الماضي، فستخرجون جميعكم مَدانين"، هذا التصعيد المستند إلى شعور الحزب بكونه "شريكًا في العملية السياسية"، يطرح سؤالًا أكبر: هل يمتلك باقر خان الشجاعة لفتح ملفات "جلّاد الأكراد" في الماضي القريب؟ وهل يجرؤ على مواجهة إرث التصفيات الداخلية التي قُتل فيها آلاف الشباب الأكراد خلال محاولات فرض الأيديولوجية الاشتراكية المتصلبة والرؤية الثورية ذات النزعة الستالينية؟
الرئيس رجب طيب أردوغان دخل على خط السجال وهاجم حزب الشعب الجمهوري بحدة، قائلاً: "إن كنت تبحث عن الجلّاد، فانظر إلى المرآة وإلى تاريخك وإلى ماضي حزبك ستجده هناك"، واتهم أردوغان الحزب بالضلوع في إعدام عدنان مندريس ورفاقه، وبالتزام الصمت والموافقة الضمنية على إعدام دنيز غزميش ورفاقه لاحقًا.
هذه الاتهامات انعكست على قواعد حزب DEM، حيث عبّر العديد من أنصاره عن غضبهم تجاهCHP، بعضهم رأى أن حزب الشعب الجمهوري حقق مكاسب انتخابية واسعة بفضل أصواتهم، واعتبروا تصريحات أوزَل شكلًا من أشكال الجحود، بينما رأى آخرون أن الحزب ينزاح نحو اليمين أكثر فأكثر، خاصة بعد أن بدأ بعض الإعلاميين المقربين منه يتحدثون علنًا عن أن التحالف مع قوى اليمين باستثناء حزب الحركة القومية قد يكون أكثر فائدة للحزب.
أمام هذا الغضب، حاول أوزغور أوزَل التراجع بتوضيح أن الجلّاد الذي قصده هو حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، إلا أن هذا التوضيح لم ينجح على ما يبدو في تهدئة الأجواء، إذ إن شيئًا من التوتر تسلل بالفعل بين الحلفاء السابقين، وبات من الصعب إعادته إلى ما كان عليه.
في خضم هذا الجدل، برز سؤال محوري: من هو الجلّاد؟ هل المقصود هو جلّاد الأكراد تحديدًا؟ أم الجلّاد الذي وقّع باسم الدولة على سياسات قاسية استهدفت قيم هذه الجغرافيا وثقافتها ودينها؟ فحتى لو وضعنا جانبًا أحداث ديرسيم وزيلان وآغري وقوجكري، تبقى آثار حقبة الحزب الواحد، بما فيها سياسات الفرض العرقي، ومحاولات الصهر الثقافي، والمحاكم الاستثنائية، والمجازر التي طالت كل من عبّر عن اعتراضه.
وفي هذا السياق، قد تكون دعوة أردوغان إلى "النظر في المرآة" دقيقة من حيث ضرورة مواجهة الماضي، لكن المشكلة أعمق من مجرد فتح الدفاتر القديمة، فدستور البلاد ما زال يلزم الأحزاب بالتحرك داخل إطار أيديولوجية "الحزب الواحد" ذاتها، وهنا يبرز سؤال آخر: كيف ننتقد تلك المرحلة ونتحدث عن "جلّادي" الماضي، بينما ما زالت الأيديولوجيا التي صنعت ذلك الماضي محاطة بهالة من القدسية واعتبارها "خطًا لا يُمس"؟
إن الجدل الدائر اليوم لا يتعلق فقط بالماضي، بل بالسياسة الحالية وتوازناتها، وبالهويات المتنازعة، وبالذاكرة الثقيلة التي لم تُغلق صفحاتها، وكل طرف يلوّح بفتح الدفاتر، لكن أحدًا لم يمتلك بعد الجرأة لفتح الدفتر الكامل بكل ما فيه من حقائق مؤلمة وأسئلة معلّقة. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
يؤكد الأستاذ عبد الله أصلان أن الاحتلال يواصل ارتكاب مجازره في غزة ضاربًا بالهدنة عرض الحائط، فيما ينشغل العالم بالمطالبة بنزع سلاح المقاومة بدل وقف الجرائم.
يسلط الأستاذ حسن ساباز الضوء على استمرار الإبادة في غزة رغم اتفاق وقف النار، الحصار والاعتداءات لا تتوقف، بينما ضمائر العالم الحرة تواصل رفض الظلم، الغزو مستمر بدعم أمريكي، وشعب غزة ينتظر بفارغ الصبر فرصة لاستعادة كرامته وإعادة بناء حياته وسط مأساة مستمرة.
ينتقد الأستاذ نشأت توتار زيارة البابا الرابع عشر ليون إلى تركيا باعتبارها مليئة بالرسائل الرمزية الحساسة، مثل أداء نشيد "طلع البدر علينا" وزيارة نيقية، ما يعكس تداخل الرموز الدينية مع السياسة ويستدعي الحذر في التعامل معها، ويؤكد أن الرموز الدينية قوة تتجاوز البروتوكول الدبلوماسي، وتفرض الحفاظ على الهوية الدينية واحترام المعاني العميقة في كل خطوة رسمية.