الأستاذ حسن ساباز: السياسة غير المتوقعة

سلط الأستاذ حسن ساباز الضوء على زيارة ترامب الأخيرة حيث كشفت هشاشة المواقف العربية مقابل تصاعد هيمنة التحالف الأمريكي الصهيوني، فيما قدّم النموذج اليمني درسًا استثنائيًا في كيفية كسر سياسات الردع الأمريكية عبر مقاومة صلبة ترسم حدود القوة من جديد.
كتب الأستاذ حسن ساباز مقالاً جاء فيه:
زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستظل موضوعًا للنقاش والتحليل لفترة طويلة، فقد حملت في طياتها رسائل معقدة وتحركات محورية تعكس طبيعة المرحلة وتوجهات القوى الكبرى في المنطقة.
فمن يتابع وسائل الإعلام في الخليج، وتحديدًا تلك التي تموّلها الحكومات، سيلاحظ مشهدًا احتفاليًا بالنصر، إذ تُصوَّر الزيارة على أنها إنجاز استراتيجي، دون التطرق إلى حجم "الجزية" التي ستدفعها هذه الدول مقابل هذا "الإنجاز"، تُركّز الأخبار على تخفيف العقوبات على سوريا، أو دفع إيران إلى اتفاق جديد، وتقدّم ذلك على أنه مكسب سياسي مهم، وبين السطور، يُروّج لفكرة أن تفادي أضرار "السياسات غير المتوقعة" لترامب يعدّ نجاحًا بحد ذاته.
لكن الواقع أكثر تعقيدًا، والنظر من زاوية مختلفة يكشف أبعادًا أوسع لما يجري.
فالإدارة الأمريكية في عهد ترامب لم تكن تتحرك في فراغ، بل كانت تنفذ إلى حد بعيد الأجندة السياسية للكيان الصهيوني، خاصة فيما يتعلق بإيران واليمن، إذ استخدم ترامب في أكثر من مناسبة لهجة عسكرية غير مسبوقة حين تحدث عن البرنامج النووي الإيراني، ملوّحًا باستخدام القوة العسكرية إن اقتضى الأمر ذلك، خاصة بعد فرض العقوبات التجارية والاقتصادية كوسيلة ضغط أولية، بل إنه صرح بوضوح أنه سيمنع إيران من تصدير ولو برميل واحد من النفط، ولو استدعى ذلك استخدام القوة.
لكن، هل تجرؤ أمريكا على خوض مواجهة عسكرية ضد إيران دون دعم أوروبي أو خليجي؟ للإجابة على هذا السؤال، يمكن التوقف عند نموذج اليمن، وما قامت به حركة "أنصار الله" (الحوثيين).
في سياق الحرب على غزة، اختار اليمن الدخول على خط المواجهة من خلال استهداف السفن التي تحمل بضائع للكيان الصهيوني في البحر الأحمر، فمرة تُنفَّذ عمليات عرقلة، وأخرى تُستهدف السفن بالصواريخ، ووصل الأمر إلى تنفيذ عمليات إنزال على متن بعض السفن والاستيلاء عليها.
وفي وقت قصير، تحولت مياه البحر الأحمر إلى بيئة غير آمنة للملاحة التجارية، خاصة للسفن المرتبطة بالاحتلال الصهيوني، مما ألحق أضرارًا اقتصادية ومعنوية جسيمة به.
بدأت بريطانيا أولًا بالرد من خلال ضربات جوية استهدفت اليمن، ثم تبعتها الولايات المتحدة، التي أرسلت سفنًا حربية ونفّذت مئات الغارات الجوية.
لكن المفاجأة كانت في رد فعل "أنصار الله"، لم يكتفوا بالدفاع بل نفذوا هجمات متقدمة طالت أهدافًا صهيونية في الأراضي المحتلة، وأخرى أمريكية وبريطانية في البحر.
ومع ذلك، لم تذهب واشنطن إلى التصعيد الكامل كما كان متوقعًا، بل أظهرت وجهًا جديدًا لما يُعرف بـ"السياسات غير المتوقعة"، إذ دخلت في تفاهمات غير معلنة مع اليمن، شريطة أن تتوقف الهجمات على المصالح الأمريكية، دون أن تشمل هذه التفاهمات الكيان الصهيوني.
وبالفعل توقفت الهجمات على الأمريكيين، لكن أنصار الله واصلوا استهداف الكيان، بل أعلنوا عزمهم فرض حظر جوي عليه، وتهديد موانئه.
لقد أظهرت هذه التجربة أن المقاومة الحقيقية يمكن أن ترسم حدودًا جديدة في وجه القوة الغاشمة، وتجبر حتى أكثر الدول عدوانية على التراجع وإعادة الحسابات.
ومن هنا تبرز أهمية بناء مؤسسات وتحالفات قادرة على مقاومة محاولات الهيمنة الأمريكية، والتصدي لحالة الفوضى وعدم الاستقرار التي يخلقها الكيان الصهيوني في المنطقة.
والدرس الأبرز من اليمن هو أن القوة العسكرية ليست العامل الحاسم دومًا، وأن الصمود والإرادة قادران على تغيير المعادلات.
فالسياسة الأمريكية، وإن بدت فوضوية أو "غير متوقعة"، لكنها تقوم في جوهرها على مبدأين واضحين: المصالح الاقتصادية، وتوظيف مخاوف خصومها، ومن هذه الزاوية فهي ليست عصيّة على الفهم، بل منضبطة في منطقها وإن تغيّرت في وسائلها.
لكن المؤسف أن هذا الارتباك في السياسات والقرارات ظهر بأوضح صوره في مواقف كثير من قادة العالم الإسلامي، الذين بدوا وكأنهم فقدوا البوصلة، وتراهم يسيرون في دروب المذلة دون أدنى شعور بالخجل، بدلًا من أن يجتمعوا ويتحاوروا حول أنجع الوسائل السياسية لردع المعتدين، والانتصار للمظلومين.
إن الوقت لم يفت بعد لوقفة صادقة، لتوبة جامعة، ولمراجعة عميقة تعيد للأمة هويتها وكرامتها.
"ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون". (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
يؤكد الأستاذ عبد الله أصلان أن العدالة تقتضي مراعاة قدرات الأفراد لا المساواة الشكلية، وأن ذوي الإعاقة جزء أصيل في البناء المجتمعي إذا ما توفرت لهم بيئة دامجة وعادلة، كما يشدد على أن الإرادة التي تتكئ على الإيمان والتمكين يمكنها أن تتجاوز كل الحواجز.
سلط الأستاذ يحيى أوراش على أهمية الشباب الذين يشكلون نواة المستقبل ونهضة الأمة، وبيّن أن قيمتهم تُصاغ بالإيمان والهوية والوعي، لا بتقليد الغرب والانفصال عن الجذور.
استنكر الأستاذ حسن ساباز نهب ترامب لتريليونات الدولارات من العرب وتواطؤ الأنظمة مع الإبادة في غزة، في محاولة لخداع شعوبهم بأنهم أبعدوا دولة الاحتلال عن واشنطن بهذه الأموال.