الأستاذ محمد كوكطاش: فتح القلوب قبل فتح الديار.. المدينة أولاً ثم مكة
يؤكد الأستاذ محمد كوكطاش أن الفتح الحقيقي لا يبدأ بالقوة العسكرية، بل بفتح القلوب وبناء الوعي، كما حدث في فتح المدينة الذي مهّد لفتح مكة، ويشير إلى أن واقع المسلمين اليوم يفرض فتوحات قائمة على الدعوة والأخلاق وبناء الإنسان، مع بقاء الجهاد والدفاع عن الأوطان واجبًا لا يسقط.
كتب الأستاذ محمد كوكطاش مقالاً جاء فيه:
لا أعلم كيف تُستحضر معاني الفتح في بقية البلدان الإسلامية، لكن في تركيا درجت الأوساط الإسلامية على إحياء ذكرى فتح مكة، وتنظيم فعاليات في الحادي والثلاثين من كانون الأول، في محاولة واعية لتقديم بديل قيمي وأخلاقي عن مظاهر الانحلال التي ترافق احتفالات رأس السنة.
ومنذ قرون طويلة، يكاد تاريخ المسلمين يخلو من فتوحات كبرى بالمعنى الذي عرفناه في عصور القوة، حتى بات مفهوم "الفتح" ذاته غائبًا عن الوعي العام، لذلك يلجأ المسلمون إلى استحضار فتح مكة وفتح إسطنبول، بحثًا عن المعنى واستعادة للثقة وبعثًا للأمل، ولا شك أن في ذلك خيرًا، فقراءة عصر النبوة وفهمه واجب شرعي وحضاري.
غير أن التركيز على فتح مكة وحده يُغفل حقيقة تاريخية بالغة الأهمية، وهي أن للمدينة المنورة فتحًا سابقًا وعميق الأثر، صحيح أنه لم يكن فتحًا عسكريًا، لكنه كان فتحًا للقلوب والعقول، بدأ ببيعة العقبة، وتسارع بدعوة مصعب بن عمير رضي الله عنه، حتى تحولت المدينة إلى حاضنة للإسلام ومركز لانطلاقه.
ولعل هذا النوع من الفتح هو ما نحتاجه اليوم أكثر من أي وقت مضى، فالله أعلم بآفاق المستقبل، لكن لا يبدو في الأفق القريب فتح يشبه فتح مكة من حيث الصورة العسكرية، بينما تنتظرنا فتوحات شبيهة بفتح المدينة: فتوحات بلا سلاح ولا حصار، تقوم على الدعوة، والتبليغ، وبناء الإنسان.
إن فتح المدن قبل فتح القلاع، وبناء الوعي قبل تغيير الخرائط، هو السنّة التي يؤكدها التاريخ النبوي، فالمدينة هي التي مهدت لفتح مكة، ولو لم تُبنَ المدينة على أسس الإيمان والوعي والتنظيم، لما كان فتح مكة ممكنًا.
وحين ننظر إلى واقعنا المعاصر، نرى بوضوح أن هذا المسار هو الأكثر واقعية وفاعلية، خاصة في ظل انتشار المسلمين في العالم الغربي عمّالًا وطلابًا وتجارًا ولاجئين، فهذه البيئات تمثل ميادين مفتوحة لفتحٍ جديد، عنوانه القيم، والأخلاق، وحسن البلاغ.
ومع ذلك، فإن هذا الطرح لا يعني التخلي عن الجهاد بمعناه الشامل، ولا إسقاط واجب الدفاع عن الأوطان المحتلة، فالجهاد باقٍ ما بقي الاحتلال، والاستعداد له فريضة، سواء سُمّي تحريرًا أم فتحًا، لكن الفرق أن الجهاد العسكري يحتاج إلى بيئة واعية تحتضنه، كما احتضنت المدينة مشروع الإسلام قبل فتح مكة.
إن درس المدينة يعلّمنا أن طريق النهضة لا يبدأ من السيوف وحدها، بل من الإنسان، ومن بناء المجتمعات المؤمنة الواعية القادرة على حمل الرسالة.
نسأل الله أن يرزق الأمة فتوحات القلوب والعقول، كما يرزقها فتوحات الأرض والديار، وأن يجمع لها بين القوة والهداية، وبين الدعوة والتمكين. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
يؤكد الأستاذ عبد الله أصلان أن مواجهة الانحراف والجريمة لا تتحقق بالحلول الأمنية وحدها، بل تبدأ من إصلاح الإعلام وتجفيف منابع الفساد الثقافي والفكري، ويشدد على أن الشاشة النظيفة ضرورة حضارية أساسية لبناء وعي سليم ومجتمع متماسك يحمي قيمه ومستقبله.
يرى الأستاذ حسن ساباز أن الأحداث الأمنية والسياسية الأخيرة تجري في أجواء ضبابية تختلط فيها الوقائع بنظريات المؤامرة، في ظل عدوان أمريكي متواصل وتوظيف سياسي للأزمات، ويؤكد أن الإبادة الجارية في غزة ستظل تطارد داعميها أخلاقيًا وإنسانيًا، كاشفةً زيف الشعارات الإنسانية وسقوط الأقنعة عن الخطاب الصهيوني والغربي.
يسلط الأستاذ محمد أشين الضوء على مسيرة معاناة الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال والخذلان الدولي والعربي، مبيّنًا كيف تحولت المقاومة من فعلٍ عفوي بالحجر إلى قوة منظمة ومتطورة، ويؤكد أن هذا التحول لم يكن خيارًا سياسيًا عابرًا، بل استجابة وجودية أدرك فيها الفلسطيني أن الدفاع عن الأرض والكرامة لا يكون إلا بالإرادة والسلاح.