الأستاذ نشأت توتار: هل هو عام الأسرة أم عام التناقضات؟

اعتبر الأستاذ نشأت توتار إعلان عام 2025 "عام الأسرة" خطوة إيجابية تعبّر عن إدراك الدولة لحجم التهديدات التي تواجه الأسرة، لكنه شدد على أن تحقيق الأثر الفعلي يتطلب إصلاحات عميقة في السياسات الإعلامية والثقافية والتعليمية، تعزز القيم الأصيلة وتصون كيان الأسرة من التآكل والانهيار.
كتب الأستاذ نشأت توتار مقالاً جاء فيه:
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن عام 2025 سيكون "عام الأسرة"، لتبدأ على إثر هذا الإعلان فعاليات ومبادرات متعددة تتعلق بالأسرة، بتنظيم من وزارة الأسرة والسياسات الاجتماعية وعدة وزارات أخرى معنية، ويأتي هذا الإعلان امتدادًا لما ورد في الخطة التنموية الثانية عشرة التي تم نشرها في أكتوبر 2023، والتي تغطي الفترة من عام 2024 حتى 2028، حيث تم التأكيد فيها على أهمية الأسرة ودورها المحوري في المجتمع.
وقد جاء في الخطة التنموية ما يلي:
"الهدف الأساسي هو حماية الأسرة، التي تُبنى على عقد الزواج بين الرجل والمرأة، وتحمل القيم الوطنية والدينية، من جميع التوجهات الضارة، بما يضمن تنشئة أجيال سليمة، واستمرار البنية الديمغرافية الديناميكية، وتحقيق التنمية بشكل مستقر."
ولا شك أن الأسرة تشكل الركيزة الأهم لأي مجتمع، فهي الدينامو الأساسي الذي يُبقي المجتمعات متماسكة في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وهي التي تضمن بقاء هوية المجتمع واستمراره عبر الأجيال، ولا يمكن تصور مستقبل مشرق لمجتمع يفتقد إلى أسر سليمة ومتماسكة.
من هذا المنطلق، فإن إعلان عام 2025 "عام الأسرة" هو خطوة إيجابية ومباركة، فتعزيز الأسرة لا يمكن أن يتحقق فقط بجهود الأفراد، بل يتطلب تدخل الدولة عبر مشاريع قوية، وسياسات حازمة، وتشريعات قانونية تضع الأسرة في مركز الاهتمام، ومع ذلك فإن هذا الإعلان لا يكون ذا قيمة فعلية ما لم يتم ملؤه بالمضامين الحقيقية والخطوات العملية التي تعكس صدق التوجه.
غير أن تخصيص هذا العام للأسرة، والتأكيد عليها في الخطة التنموية، يُظهر بوضوح أن الدولة - وعلى أعلى المستويات - تدرك حجم التهديدات التي تواجه كيان الأسرة في تركيا، فمنذ إقرار "اتفاقية إسطنبول" والتغييرات القانونية التي تلتها، تعرضت الأسرة التركية لتصدعات عميقة. وقد ساهمت هذه الاتفاقيات في إحداث ضرر بالغ ببنية الأسرة، وفتحت الباب أمام قضايا معقدة تهدد استقرارها.
وفي هذا السياق، برزت جمعيات نسوية ممولة من الخارج، تتقدمها أحزاب كـ"الشعب الجمهوري" (CHP) و"حزب الشعوب الديمقراطي" (DEM)، كما أصبحت جماعات مثل الـGBT+İ" (المثليين والمتحولين جنسيًا) أكثر حضورًا في الفضاء العام، مما زاد من حدة التهديدات التي تستهدف الأسرة، عبر مظاهرات وعروض تسعى لتطبيع الشذوذ والتمرد على القيم.
يجب أن نتذكر أن الأسرة ليست مجرد رابطة قانونية أو بيولوجية، بل هي مؤسسة تقوم على الحب، والاحترام، والمسؤولية، والتضحية، ومن المؤسف أن نرى تناقضًا صارخًا بين الإعلان عن عام للأسرة من جهة، وبين استمرار عرض برامج ومسلسلات وأفلام عبر الشاشات تهدم القيم الأسرية وتنشر الانحلال الأخلاقي تحت غطاء "الترفيه" و"الحرية الفنية" من جهة أخرى، وهذا التناقض يثير تساؤلات جدية حول صدق هذا التوجه، ويشكل تحديًا أمام الرأي العام والضمير المجتمعي.
إذا كانت هناك نية حقيقية لحماية الأسرة، فلا يكفي إطلاق الشعارات أو تنظيم حملات علاقات عامة، بل لا بد من مراجعة جذرية للسياسات الثقافية والإعلامية بما ينسجم مع هذا الهدف، وعلى رأس هذه الإصلاحات، تأتي الحاجة إلى إعادة النظر في المناهج التعليمية منذ مرحلة الحضانة وحتى الجامعة، لتكون الأسرة وقيمها النواة الأساسية في التعليم.
خلاف ذلك، سيبقى "عام الأسرة" مجرد عنوان دعائي لا يرقى إلى مستوى الفعل، ولا يسهم فعليًا في وقف التدهور الذي يعيشه هذا الكيان المقدس.
إن حماية الأسرة ليست أمرًا معقدًا كما يتصور البعض، فحين نعود إلى قيمنا الأصيلة، وإلى كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، نجد أن كثيرًا من المشكلات التي تبدو مستعصية، لها حلول بسيطة وعميقة في آنٍ معًا، أما في ظل نظام لا إسلامي، وسط عالم اختلت فيه المعايير، فإن استخدام ألفاظ براقة دون مضمون حقيقي لن يعيد للأسرة قوتها ولا مكانتها.
إن لم يتم اتخاذ خطوات عملية وجادة، فإن الإعلان عن "عام الأسرة" لن يكون سوى محاولة لامتصاص الغضب أو التغطية على واقع مقلق، وليس انطلاقة حقيقية لحماية وتحصين ركيزة المجتمع الأولى. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
يسلط الأستاذ حسن ساباز الضوء على حجم الكارثة الإنسانية في غزة، حيث قتل أكثر من 100 ألف شخص تحت الحصار والجوع، وتحولت المساعدات إلى فخاخ موت، رغم ذلك تظل غزة صامدة تقاوم بكرامة في وجه ظلم واحتلال لا مثيل له.
دراسة حديثة تعزز تحذيرات ماسك: تراجع الخصوبة في أمريكا ينذر بانهيار سكاني يهدد مستقبل الحضارة.
يؤكد الأستاذ محمد علي كونول أن غزة الصغيرة تواجه أعتى ترسانات العالم بمعجزة إلهية لا يُدركها العدو، فالمقاومون يثبتون بإيمانهم وشجاعتهم رغم الحصار والقصف، ما جعل الاحتلال وحلفاءه عاجزين عن تحقيق النصر.