الأستاذ حسن ساباز: إلى أي درجة يتمتع القضاء بالاستقلال؟

ينتقد الأستاذ حسن ساباز ازدواجية مواقف اليسار الأوروبي تجاه جرائم الاحتلال الصهيوني وتواطؤ بعض الأحزاب اليسارية، خاصة في بريطانيا وتركيا، مع الخطاب الصهيوني رغم ادعاءاتهم بدعم فلسطين. كما يتناول قضايا الفساد في تركيا وانحياز القضاء، محذرًا من التناقضات الأخلاقية في مواقفهم.
كتب الأستاذ حسن ساباز مقالاً جاء فيه:
لا تزال أصوات الغاضبين من المجازر الوحشية التي يرتكبها الكيان الصهيوني في غزة تتعالى في مختلف الدول الأوروبية، لكن الحقيقة المُرّة أن أولئك الذين يغضّون الطرف عن هذه الإبادة أو يتعاملون معها وكأنها واقع طبيعي هم أكثر عددًا ونفوذًا، فما زالت معظم حكومات أوروبا مترددة في اتخاذ أي خطوة فعلية ضد جرائم الاحتلال، رغم وضوح الأدلة وصدور قرارات قانونية دولية تدينه، إن التهرب من المسؤولية السياسية والأخلاقية أصبح سمة عامة، حتى في مواجهة واحدة من أبشع المجازر في العصر الحديث.
وسط هذا المشهد القاتم، يظهر اليسار الأوروبي – نسبيًا – كصوت أكثر اتساقًا مع المبادئ الإنسانية، مقارنةً بالمحافظين والليبراليين واليمين المتطرف، إلا أن هذا الاتساق ليس مطلقًا، ولا يخلو من تناقضات صارخة.
تصريحات الممثل الأعلى السابق للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، تعكس هذا التوتر بين المبادئ والمصالح، بوريل لم يتردد مؤخرًا في التصريح بأن نصف القنابل التي تُسقط على غزة تُصنع في أوروبا، مؤكدًا أن الاتحاد الأوروبي يرفض استخدام نفوذه الحقيقي للضغط على "إسرائيل"، إنها لحظة صدق نادرة، لكنها لا تغيّر من واقع أن المواقف الرسمية للاتحاد غالبًا ما تقف في صف الجلاد لا الضحية.
أما في السياق الحزبي، فإن حزب العمال البريطاني، رغم انتمائه لمعسكر اليسار، يواصل اصطفافه شبه الكامل خلف السياسات الصهيونية، متجاهلًا ردود الفعل الشعبية ومجمل الخسائر السياسية التي تترتب على هذا الموقف. وفي ألمانيا، يمكن القول إن عهد أولاف شولتس مثّل لحظة انتقال ضبابية لليسار باتجاه مواقف اليمين، خصوصًا فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث بات الدعم للسياسات الإسرائيلية يقدَّم كجزء من الثوابت السياسية.
الوضع في تركيا ليس بعيدًا عن هذا المشهد؛ إذ يبدو أن اليسار التركي – وبخاصة حزب الشعب الجمهوري يسير على نهج اليسار البريطاني نفسه، مشاركة رئيس الحزب، أوزغور أوزال، في اجتماع الاشتراكية الأممية، وخطابه الذي تمحور حول دعم أكرم إمام أوغلو، منح اللقاء بعدًا سياسيًا ضيقًا وأثار خيبة أمل لدى كثير من المتابعين الذين كانوا يتوقعون مواقف أكثر انسجامًا مع مبادئ العدالة الاجتماعية ومناهضة الفساد والاستبداد.
فقضية إمام أوغلو لا تقتصر على الصراع بين السلطة والمعارضة، بل تتضمن شبهات فساد ورشاوى، ومَن يوجه الاتهامات في معظمهم أعضاء داخل الحزب نفسه أو من المتعاملين مع بلدية إسطنبول
ساسة حزب الشعب الجمهوري يقولون إن المسألة سياسية وإن أردوغان يستخدم القضاء لإقصاء خصمه.
صحيح أن القضاء في تركيا يتصرف سياسيًا، وأن العدالة غائبة في كثير من القضايا، لكن هذا ليس أمرًا جديدًا.
وللأسف، فمنذ تأسيس الجمهورية، كانت الكثير من أحكام القضاء مثيرة للجدل وتفتقر للعدالة.
وبالخصوص، القرارات التي صدرت بعد الانقلابات تركت جراحًا كبيرة في الضمير العام.
ولا داعي للذهاب بعيدًا، فالدمار الذي خلّفه قضاء 28 فبراير لم يتم إصلاحه بعد، فهل يمكن للعدالة أن تتجلى في بيئة يُعامل فيها الدستور الانقلابي كنص مقدّس، ويتحدث فيها رجال القانون بوصفهم فقهاء نصوص، ويمنحهم النظام السياسي سلطة توجيه السياسة؟
نعم، القضاء غير مستقل؛ لكنه لم يكن مستقلًا في السابق أيضًا.
لكن يجب الانتباه إلى جانب مختلف في ملف إمام أوغلو.
هناك مزاعم بالرشوة والفساد، ومعظم من يوجّهون هذه الاتهامات هم من داخل حزب الشعب الجمهوري أو من المقاولين الذين تعاملوا مع البلدية.
لذا ما يجب أن يفعله مسؤولو ومتحدثو الحزب هو الرد على بعض هذه المزاعم على الأقل، وتقديم توضيحات تؤكد خلوّ الأمور من الفساد، وامتثالها للقانون، لكن هذا لم يحصل!
أما القادة الاشتراكيون والديمقراطيون الاجتماعيون الذين شاركوا في الاجتماع، فكان الأجدر بهم انتظار نتائج المسار القضائي، خاصةً أنهم لا يعرفون مضمون الملف.
وعندما تُعلن لائحة الاتهام، وتُعرض الوثائق الرسمية، إذا ما تأكدت شبهة الفساد والرشوة، فهل لن يكون المشهد مخجلًا؟
وبعيدًا عن كل هذا…
كيف سيتحمل اليسار الأوروبي عارَ دعم سياسي يصف "حماس" – التي لا تملك سوى المقاومة للاحتلال – بأنها "إرهابية"، وهو نفسه ومن يترأسه يدّعون الدفاع عن القضية الفلسطينية؟
وأخيرًا…
هل يعرف اليسار الأوروبي ما هي الكمالية؟ وهل يدرك مدى قربها من الفاشية، ونزعتها العرقية؟ (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
سلّط الأستاذ محمد علي كونول الضوء على أهمية الأسرة، داعيًا لوضع تشريعات متوازنة وآليات رقابية فعالة تصون بنيانها من الانهيار، وتحول دون تغلغل القيم الدخيلة التي تهدد تماسك المجتمع.
حمّل الأستاذ محمد كوكطاش ترامب مسؤولية مجازر غزة، ودعا الرئيس أردوغان لمواجهته بالحقيقة دون مجاملة، محذّرًا من أن الصمت أمامه خذلان لغزة ونهاية للأمل.
يتنبأ الأستاذ محمد أيدن بحتمية اشتباك تركيا مع إسرائيل، مشددًا على أن المواجهة ستأتي دفاعًا عن الأمن القومي وحدود البلاد، داعيًا إلى وحدة وطنية واستعداد كامل لمجابهة العصابة الصهيونية الوحشية.