رئيس حزب الهدى يابيجي أوغلو: النهوض ممكن عندما يعمل القادة والعلماء معاً

قال رئيس حزب الهدى "زكريا يابيجي أوغلو"، في كلمة ألقاها خلال الاجتماع العاشر لملتقى العلماء: "إن صحوة جديدة ونهوضاً حقيقياً ممكنان فقط من خلال تحرك العلماء والحكام في الاتجاه الصحيح معاً"، مؤكداً أن الأمة الإسلامية قادرة على النهوض من جديد عندما يجتمع العلم الممزوج بالحكمة والمعرفة لدى العلماء مع قوة وإرادة الحُكام.
بدأ في ديار بكر ملتقى العلماء العاشر الذي ينظمه اتحاد العلماء والمدارس الدينية، بمشاركة علماء وأكاديميين من مناطق جغرافية مختلفة حول العالم، وخاصة من إقليم كردستان. كما حضر اللقاء مسؤولون من حركة حماس.
ويُعقد اللقاء هذا العام تحت عنوان "المبادرات الإيديولوجية المبنية على هويتنا الإسلامية"، في قاعة مؤتمرات جامع صلاح الدين الأيوبي بمركز حي يني شهير في ديار بكر، ويمتد لمدة يومين.
بدأ البرنامج بتلاوة من القرآن الكريم من قبل الشيخ رفعت أبلاي، تلتها كلمات افتتاحية وترحيبية. وألقى رئيس حزب الهدى "زكريا يابيجي أوغلو"، كلمة ترحيبية في المناسبة، معبراً عن أمله في أن يكون اللقاء فاتحة خير وبركة.
وأكد يابيجي أوغلو أهمية هذه الاجتماعات في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها العالم الإسلامي، مشدداً على ضرورة البحث عن حلول مشتركة من خلال العقل الجمعي والتشاور. وقدم شكره العميق لاتحاد العلماء ورئيسها الملا أنور قليج أرسلان ولكل من ساهم في تنظيم هذا الحدث، داعياً الله أن يبارك جهودهم ويوفقهم لما فيه خير الأمة.
وأشار يابيجي أوغلو إلى أن حضور علماء من مناطق ووجهات نظر مختلفة يمثل بارقة أمل كبيرة، وأن هذا اللقاء يعكس حرص العلماء في المنطقة على قيادة نهضة جديدة، مستندين إلى ميراث الأجداد، معرباً عن ثقته بأن ثمار هذه الجهود لن تتأخر في الظهور، داعياً الله أن يزيد عزيمتهم ويسهل طريقهم نحو النجاح.
خطر تدمير الأسرة وانحراف الأجيال يزداد يوماً بعد يوم
وصرّح يابيجي أوغلو أن عالم الإسلام يواجه منذ حوالي 200 عام هجمات ذهنية وثقافية وفعليّة من الحضارة الغربية والحداثة، وقال: "النموذج العصري الذي انتشر من الغرب يؤثر بشكل متعدد الأوجه على إيماننا النقي والطاهر، وعلى حياتنا الفردية والاجتماعية، وعلى هويتنا وأجيالنا، ويمثل خطراً جدياً، نحن نمرّ بمرحلة حرجة جداً حيث نسي كثير من الناس هدف خلقهم، وتاهوا عن المقصد والاتجاه، وواجهوا خطر فقدان القيم الإنسانية والإسلامية. الإنسانية تواجه تهديداً حقيقياً بالإبادة الجماعية. فالإبادة ليست شيئاً يُنفَّذ بالسلاح فقط. المؤسسة الأسرية والشباب يتعرضون لهجمات خطيرة جداً. وإنّ خطر تدمير الأسرة وإيقاع الجيل الجديد في الانحراف وإبادة النسل يزداد يوماً بعد يوم. التعقيم، وإلغاء مفهوم الجنس، وإخراج الزواج والإنجاب من جدول أولويات الشباب لمنع ازدياد عدد السكان، هو أسلوب مختلف من أساليب الإبادة الجماعية".
"كل المسألة هي أن نبقى على طريق الحق باستقامة"
وقال يابيجي أوغلو: "ينبغي على كل المسلمين الواعين والذين يتولّون إرشاد الأمة أن يعتبروا هذا المسار السلبي أمراً مهماً، وأن يبذلوا الجهد لإيجاد حلول معقولة للمشاكل والصعوبات التي نعيشها. نحمد ربنا أن هناك شخصيات علمية، ومؤسسات، وجماعات، وتيارات في العالم الإسلامي والعالم عموماً تهتم بحال الأمة وأبناء الإسلام. بالرغم من كل الصعوبات، فإنّ من يركز فقط على الاستقامة ولا يغادر ساحة النضال ولا يستسلم، سيخرج رابحاً حتى وإن لم يصل تماماً إلى النتيجة المنشودة. لأن كل المسألة هي أن تبقى على طريق الحق باستقامة. هذا هو النجاح الحقيقي والانتصار الأصيل".
"حفنة من القتلة نفذت إبادة جماعية بحق إخواننا أمام أعيننا"
وأشار يابيجي أوغلو إلى أن المحتلين الصهاينة المجرمين تسببوا على مدار عامين في معاناة لا توصف لإخواننا في غزة، وقال: "قوة العدو الوحشي ليست في الأسلحة التي يمتلكها، بل في تفرّقنا وتعلّقنا بالدنيا. للأسف، الدول الإسلامية التي يبلغ عدد سكانها نحو ملياري نسمة، تخلّت عن مليوني مسلم وتركَتهم تحت رحمة قادة الدول الغربية الذين لا يملكون ذرة من الرحمة. حفنة من القتلة نفذوا إبادة جماعية بحق إخواننا أمام أعيننا، وداسوا على كرامة الأمة؛ واكتفينا نحن بالدعاء من بعيد والبكاء ولعن الجناة. تعرضنا في هذا الامتحان الثقيل لخسارة فادحة.
لم نستطع أن نساعد غزة كما يجب، ولم نستطع أن نمنع قتل الأطفال. لكن غزة، بشهدائها ومقاومتها، منحتنا الروح، وعلّمتنا أن العجز ليس عذراً. أصبحت غزة مدرسة تشرح لنا آيات الجهاد. أصبحت غزة نوراً يوضح لنا حالنا المتدهور، نقاط ضعفنا، ونواقصنا. علينا أن لا ننسى ما تعلّمناه من مدرسة غزة، ولا ننسى مقاومة فلسطين والفلسطينيين البطولية، ثبات أبطالها، إيمان نسائها الذي لا يتزعزع، وبراءة أطفالها المظلومين؛ ويجب أن ننقل ذلك إلى أجيالنا القادمة".
"عندما يتحرك القادة والعلماء معاً نحو الهدف، يمكننا النهوض واليقظة"
وأشار يابيجي أوغلو إلى أن يوم 2 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي كان الذكرى 838 لفتح القدس على يد صلاح الدين الأيوبي، وقال: "عندما قرر فتح القدس، لم يكن الحال السياسي في العالم الإسلامي وحال العلماء يختلف كثيراً عمّا هو عليه اليوم. العالم الإسلامي كان ينزف بسبب التمزّق والخلافات. لكن تلك الظروف السلبية لم تُدخِل اليأس إلى قلب فاتح القدس الثاني، صلاح الدين الأيوبي، ولم تصرفه عن هدفه. طريقته في النضال، ومنهج مولانا خالد البغدادي في الإرشاد والدعوة هما نموذج يُحتذى به لنا. هذان المثالان يُظهِران كيف أن اليقظة والنهوض ممكنان عندما يتحرك العلماء والقادة معاً نحو الهدف".
وأضاف: "إن يقظة جديدة ونهضة جديدة ممكنة فقط عندما يتحرك العلماء والقادة معاً في الاتجاه الصحيح. فعندما تتحد الحكمة والعلم المتعمق للعلماء مع قوة الأمراء وعزيمتهم، ستنهض أمة الإسلام من جديد من حيث سقطت".
"أفغانستان تحررت من الاحتلال الأمريكي بقيادة العلماء وبشجاعة طلاب المدارس الدينية"
قال يابيجي أوغلو: "بيننا شخصيات عظيمة. أحدهم هو سعادة صنيع الله فرهمند، سفير إمارة أفغانستان الإسلامية في أنقرة، الذي زرناه بداية هذا الأسبوع. وكما تعلمون، فإن دولة أفغانستان، عانت لعقود طويلة من أزمات عديدة، وتعرضت للغزو والاحتلال من قبل قوى إمبريالية مختلفة، ووقعت فيها مجازر، وسُلبت ونهبت، وتحولت إلى أطلال. المجاهدون لم ينظروا إلى ما لدى الغزاة من أسلحة متطورة أو إلى أنهم قوى عظمى، رغم دعم العملاء المحليين لهم؛ بل قاوموا. وتحت قيادة العلماء، وبشجاعة وتضحية وإصرار طلاب المدارس الدينية، تمكّنوا في 15 آب/ أغسطس 2021 من تحرير بلدهم من آخر احتلال أمريكي. وهم يواصلون جهودهم دون توقف لإعادة بناء البلاد وشفاء جراحها. أهنئ مجدداً إخواننا الأفغان وانتصارهم، عبر شخص السفير الكريم".
وشدد على أن مثال أفغانستان يُظهر مجدداً أهمية القيادة العلمية، وقال: "على العلماء أن يركّزوا أكثر على القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وأن يكون لهم تأثير أقوى في الحياة الاجتماعية. ويجب أن يلعب العلماء دوراً فعالاً في توجيه الحكّام من أجل سلام ورفاهية المجتمعات الإسلامية وتقدّمها المادي والمعنوي.
إن الكوادر التي ستقود الصحوة الإسلامية يجب أن تكون قادرة على فهم الماضي والحاضر بشكل جيد، وأن تمتلك الكفاءة الكافية للرد على الظروف والاحتياجات الراهنة".
"من يقلّد الآخرين يفقد هويته أولاً"
وأكد يابيجي أوغلو أن خلاص الشعوب المسلمة ممكن فقط بالعودة إلى أصولها وإحياء حضارتها، وقال: "القميص الذي خُصّص لنا من قِبل الحضارة الغربية، التي حاولنا أن نُشبهها باسم التحديث، لم يناسب أجسادنا. من ارتداه لم يستطع أن يكون مثلهم، ولا أن يبقى على طبيعته. من يقلد الآخرين، يفقد هويته أولاً. ومن يفقد ذاته، يفقد احترامه. من يتشاجر مع إخوته ويدخل في صراعات، يفقد هيبته أولاً، ثم يفقد قوته في مواجهة العدو".
وأضاف: "أمامنا الآن طريقان: إما أن نقبل الذل العالمي ونؤدي الدور الذي فرضته علينا القوى الشريرة، ونُحبس ضمن الحدود المادية والمعنوية التي رُسمت لنا؛ ونستمر في اعتبار بعضنا البعض "آخر" بسبب الانتماءات العرقية والمذهبية، فنكسر بعضنا البعض. أو نعود إلى أنفسنا، ونعالج مشاكلنا دون السماح بتدخل القوى الإمبريالية، ونقيم الأخوّة من جديد على أساس العدل، فنتوحد ونستعيد عزتنا. ولهذا، علينا أولاً أن نهدم الجدران السميكة التي بُنيت في عقولنا وقلوبنا، ونركز على الاستقامة".
"أساس الأخوة الممتدة لألف عام هو عقيدتنا المشتركة"
وأكد يابيجي أوغلو، أن إعادة إرساء العدالة في جميع المجالات، انطلاقًا من رؤية تتمحور حول الإنسان، تمثل الهدف الأساسي لسياساتهم، وقال في هذا السياق:
"نسعى جاهدين لوضع حدّ لمشكلة العنف والإرهاب، التي تسببت في معاناة شعبنا لأكثر من أربعين عامًا، ونعمل على إعادة بناء ميثاق الأخوة من جديد. وبإذن الله، سنبذل قصارى جهدنا لتحقيق نتائج طيبة في هذا المسار. إن القضية الكردية هي قضية حقوق وعدالة. وإن عدم ترسيخ العدالة هو ما ألحق الضرر بروابط الأخوة بيننا. لقد تأسست أخوتنا الممتدة لألف عام على إيماننا المشترك، وهذا الأساس متين. واستمرار الأخوة لا يمكن أن يقوم إلا على هذا الأساس. أما البحث عن الحلول في غير هذا الإطار، فلن يؤدي إلا إلى إضاعة الوقت وإطالة أمد الأزمة. وإن بقاء هذه المسألة دون حل، سيجعل منطقتنا عرضة للتدخلات الإمبريالية، ويؤدي إلى تضييع الأجيال وتفاقم الانهيار الاقتصادي".
وأضاف يابيجي أوغلو:
"سنواصل تحمّل المسؤولية في مواجهة جميع القضايا التي تعاني منها بلادنا، والعالم الإسلامي، والإنسانية جمعاء. وسنظل داعمين، بكل ما أوتينا من قوة، لكل جهد يُبذل في سبيل مصلحة الأمة وخيرها، وفي مقدمة ذلك ما يقوم به العلماء من جهود مباركة".
واختتم كلمته بالدعاء قائلاً:
"نسأل الله العلي القدير أن يجعل كل أعمالنا، ما مضى منها وما هو آتٍ، خالصة لوجهه الكريم، وأن يوفقنا جميعًا في مساعينا الطيبة.
وفي الختام، أجدد الدعاء بأن يكون هذا الملتقى العاشر للعلماء سببًا في الخير والبركة، وأتوجه بالتحية والتقدير إلى اللجنة المنظمة، وإلى كل من ساهم وشارك وساند هذا الملتقى.
أحييكم جميعًا بكل الاحترام والمحبة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين". (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
كلفت رئيسة جمهورية كوسوفو فيوسا أوسماني، رئيس حركة "فيتفيندوسيه" (قرّر بنفسك) ورئيس الوزراء الحالي ألبين كورتي، بتشكيل الحكومة الجديدة بعد فوز حزبه في الانتخابات الأخيرة.
أعلن رئيس الوزراء التشيكي السابق وزعيم حزب "الأنو" (ANO) أندريه بابيش، توصله إلى اتفاق لتشكيل حكومة ائتلافية جديدة مع حزبي الحرية والديمقراطية المباشرة (SPD) وحزب الدراجين اليميني، وذلك بعد فوز حزبه في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
أكد رئيس هيئة علماء فلسطين الدكتور نواف التكروري، خلال كلمته في ملتقى العلماء، أن الجهاد بالمال يتقدم على الجهاد بالنفس، مشددًا على أن امتناع المسلمين عن الإنفاق من أموالهم يؤدي إلى ضعف المجاهدين والجهاد.
أكد نائب رئيس اتحاد العلماء الملا "عبد الرحمن أوزكينجي" في كلمته خلال ملتقى العلماء، أن استعادة الأمة لهويتها الأصلية وقيام العلماء بدورهم الحقيقي سيضيء الطريق، وستُحفظ مقدساتنا وتُدافع عنها عبر الجهاد.