الجماعة الإسلامية المصرية… رؤية إنقاذ في زمن التحولات الكبرى

أكد الأستاذ إسلام الغمري أن الجماعة الإسلامية ليست مجرد فصيل عابر في التاريخ المصري، بل هي قصة نضج وتطور متدرج وممارسة سياسية راشدة.
جاء في مقالة دورية حصرية لوكالة إيلكا للأستاذ "إسلام الغمري"، نائب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والإستراتيجية، ما يلي:
مع حلول ذكرى مبادرة وقف العنف التي أطلقتها الجماعة الإسلامية المصرية في تسعينيات القرن الماضي، يجد المتابع للشأن المصري نفسه أمام تيار إسلامي وطني، خاض تجربة عميقة من الصراع، ثم المراجعة، فالتجديد، ما جعله جديرًا بأن يُدرج ضمن قائمة الخيارات الوطنية الواعدة في ظل لحظة مصرية وعربية مشحونة بالتحديات والانهيارات.
إنّ الحديث عن الجماعة الإسلامية اليوم، لا ينبغي أن يظلّ حبيس الماضي أو أسير الصورة النمطية التي روّجها بعض وسائل الإعلام لعقود، بل من الضروري أن يُعاد تقديم هذا التيار وفق ما أصبح عليه بعد مبادرة وقف العنف (1997)، ووفق ما يمكن أن يكون عليه مستقبلًا كأحد روافد مشروع الإنقاذ الوطني الجامع.
أولًا: الجماعة الإسلامية… من المواجهة إلى الرؤية
لم تكن تجربة الجماعة الإسلامية في العمل المسلح معزولة عن سياقها التاريخي والسياسي، فقد نشأت في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي في بيئة احتقان سياسي وانسداد أفق اجتماعي، حيث كانت الأنظمة تُقصي الإسلاميين بالكامل، وتُغلِق أبواب التعبير السلمي، مما دفع فئات من الشباب إلى الخيار الأكثر توترًا وهو المواجهة المسلحة.
لكنّ ما يُحسب للجماعة الإسلامية - دون غيرها من الحركات التي خاضت نفس المسار - هو قدرتها الجريئة على مراجعة تجربتها، وإنتاج خطاب جديد عبّرت عنه عبر مبادرة "وقف العنف"، والتي ترافقت مع سلسلة من الكتب والمراجعات الفكرية، صنّفت لاحقًا ضمن أهم الأدبيات الإسلامية المعاصرة.
ثانيًا: ريادة في المراجعة وإعلاء لمصلحة الوطن
قبل أن تتحدث اليوم بعض التيارات الجهادية عن "الانتقال إلى العمل السلمي" أو "نقد فكر التكفير"، كانت الجماعة الإسلامية قد قطعت هذا الشوط قبل ربع قرن، حين قادت من داخل السجون مبادرة اجتماعية – فقهية – سياسية غير مسبوقة، رسّخت من خلالها فكرة أن الإسلاميين قادرون على التجديد الذاتي من داخلهم، دون أن يُفرض عليهم ذلك بسطوة السلطة أو ضغوط الخارج.
ولعل أبرز ما يُميّز مراجعات الجماعة الإسلامية أنها:
• جاءت من داخلها وليس من الخارج.
• قدّمت حلولًا عملية لإعادة دمج الشباب الإسلامي في المجتمع.
• أعادت الاعتبار لقيم الدعوة والإصلاح التدريجي.
• ارتكزت على قواعد شرعية متينة، بمنهج فقهي وسطي مستنير.
• اتسمت بالاستمرارية والتطوير، ما جعلها تجربة حيّة لا موسمية.
لقد نجحت الجماعة في الحفاظ على منهج متوازن يجمع بين الانضباط الفكري والمرونة الواقعية، ما منح مراجعاتها مصداقية واسعة في أوساط الباحثين والمتخصصين، وجعلها مصدر إلهام لغيرها من الحركات التي سلكت طريق المراجعة لاحقًا.
ثالثًا: ما بعد يناير… انفتاح سياسي ومشروع وطني
مع ثورة 25 يناير 2011، كانت الجماعة الإسلامية من أول التيارات التي بادرت إلى تأسيس حزب سياسي مدني هو "حزب البناء والتنمية"، وقدّمت رؤى متوازنة في قضايا الهوية والديمقراطية والشريعة والدولة، وشاركت في كل المسارات السياسية والانتخابية دون تبنٍ لأيّ نهج إقصائي أو انتقامي.
ففي الوقت الذي اختارت فيه بعض القوى السياسية التصعيد أو الانغلاق، كانت الجماعة أكثر توازنًا، تطرح خطابًا توافقيًّا، وتدعو إلى حلول تشاركية، بما أهّلها أن تكون جسرًا بين مكونات التيار الإسلامي وغيره من جهة، وبين الدولة والمجتمع من جهة أخرى.
رابعًا: الجماعة الإسلامية… من التكيّف إلى مشروع التغيير
إنّ الجماعة الإسلامية لا ترى في الواقع القائم قدرًا لا يُرد، بل تعتبره وضعًا مأزومًا يستدعي التغيير الجاد والتجديد العميق. وهي إذ تحمل إرثًا ناضجًا من المراجعات والتجربة، فإنها تُدرك أن النهوض بالوطن لا يكون من داخل منظومة الاستبداد، بل عبر كسر الجمود السياسي وإعادة بناء الدولة على أسس العدل والحرية والمشاركة. إن مشروعها ليس التكيف مع الفشل، بل استنهاض طاقات الأمة لصياغة مستقبل مختلف، يُعبّر عن إرادة شعب يبحث عن الخلاص الحقيقي.
خامسًا: الجماعة الإسلامية بين الواقعية والأمل
رغم كل الضربات التي تعرّضت لها الجماعة، سواء أمنيًّا أو إعلاميًّا، ورغم محاولات شيطنتها وربطها قسرًا بالعنف، فإنها لا تزال تحمل مشروعًا قابلًا للحياة، ولا تزال تُنتج نخبًا فكرية ودعوية وسياسية قادرة على التجاوز.
بل إنّ الجماعة الإسلامية وذراعها السياسي، حزب البناء والتنمية، أظهرا قدرة على التعامل الإيجابي مع مختلف المتغيرات السياسية منذ ثورة يناير وحتى اليوم، سواء عبر المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية، أو تقديم مبادرات للحوار الوطني، أو صياغة مواقف عقلانية في لحظات التوتر.
إنّ من يتأمل المشهد المصري الحالي يُدرك أن مرحلة ما بعد الانسداد لا بد أن تُنتج:
• تيارات إصلاحية تمتلك رصيدًا شعبيًّا وخطابًا واقعيًّا.
• قوى وطنية تجمع بين الهوية والمرونة السياسية.
• حركات تمتلك خبرة التغيير من الداخل دون التورط في العنف.
وهذا تمامًا ما تمثله الجماعة الإسلامية اليوم، بعد أكثر من أربعين عامًا من التجربة والتحوّل.
خاتمة: من النفق إلى الأفق
ليست الجماعة الإسلامية مجرد فصيل عابر في التاريخ المصري، بل هي قصة نضج وتطور متدرج وممارسة سياسية راشدة. وإذا كان المستقبل السياسي في مصر بحاجة إلى من “ينتدب نفسه للتغيير نحو الأصلح”، فإن الجماعة الإسلامية بما تملك من مراجعات فكرية راسخة، وخبرة سياسية مستمرة، ومشروع وطني جامع، قادرة على أن تكون جزءًا من معادلة المستقبل.
إنّ الرهان ليس على الماضي، بل على قدرة هذه الجماعة - ومعها غيرها من القوى الوطنية الصادقة - على أن تُعيد بناء الوطن من جديد، وتقدّم للناس بديلاً رشيدًا، في زمن يحتاج فيه الوطن إلى وجوه جديدة، وعقول مسؤولة، وقلوب لا تخشى التغيير. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
يندد الأستاذ محمد كوكطاش باستخدام الرسوم الكاريكاتورية كسلاح قذر ضد الإسلام، مؤكدًا أن الرد الحقيقي يكمن في تجنب هذه الأساليب والتركيز على حماية المقدسات بالوعي والمسؤولية الوطنية.
يؤكد الأستاذ عبد الله أصلان أن حرائق الغابات السنوية ناجمة أساسًا عن أخطاء بشرية وتقصير مجتمعي، داعيًا إلى تعزيز الوعي واتخاذ إجراءات صارمة لحماية الغابات والحفاظ على البيئة، ويحذر من تكرار الكوارث دون إرادة حقيقية للتغيير، مما يهدد مستقبل الطبيعة والإنسان.
أكد الأستاذ إسلام الغمري التطورات في منطقة الشرق الأوسط أثبتت أن السعودية باتت لاعبًا سياسيًا يُحسب له الحساب في هندسة التوازنات الإقليمية، في ظل ما تشهده الساحة الإقليمية والدولية من تغيرات.