الأستاذ ويسي دمير: مالذي يحدث في السودان
                        
                        يسلط الأستاذ ويسي دمير الضوء على مأساة السودان التي تتفاقم تحت وطأة الحرب الأهلية والمجازر، في ظلّ دعمٍ خارجي يعمّق الانقسام ويكرّس مشاريع الهيمنة الإمبريالية على العالم الإسلامي.
كتب الأستاذ ويسي دمير مقالاً جاء فيه:
رغم التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار في قطاع غزة، ما تزال مشاهد الوحشية والحصار تُخلّف الجوع والعزلة واليأس، فيما تشهد السودان صورًا لا تقل فظاعة عن غزة: مجازر بشعة، وجوع مستشرٍ، وأوبئة قاتلة تفتك بالمدنيين، يا له من واقعٍ مأساوي!
وبينما يحترق وجدان الأمة مما يجري في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا واليمن، اندلعت في الوقت ذاته اشتباكات قصيرة بين باكستان وأفغانستان، لتضاف إلى سلسلة جراح الأمة الممتدة، وكأنّ كلّ هذا لا يكفي، حتى استيقظنا على حقيقة جديدة في السودان: مجازر مروعة بحق المدنيين، وجوع يهدد بالمجاعة، وبلاد تغرق في فوضى الحرب الأهلية.
لقد عانى الشعب السوداني منذ عهد الاستعمار، وحتى بعد استقلاله عام 1956، من مؤامرات الإمبريالية التي لم تكفّ عن بث الفوضى والانقسامات وإشعال الحروب الداخلية وسرقة مقدّراته.
وفي عام 1989، انتقل السودان إلى حكمٍ ذي توجهٍ إسلامي بعد انقلاب عسكري قاده عمر البشير بدعم من العالم والمفكر الإسلامي الكبير حسن الترابي، في تلك الفترة تنفّس الشعب السوداني شيئًا من الحرية، ودعمت حكومة البشير قضايا الأمة الإسلامية، وساندت حركات التحرر المناهضة للإمبريالية بمختلف توجهاتها الدينية والفكرية. غير أن العلاقة بين البشير والترابي ما لبثت أن توترت، حتى قام البشير عام 1999 بحلّ البرلمان وإقالة الترابي من رئاسته، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة من الاضطراب السياسي.
منذ ذلك الحين، لم تهدأ أمواج الفتن في السودان، فبفعل التحريض والتدخل الأجنبي، وُقّع عام 2005 "اتفاق السلام الشامل" بين حكومة الخرطوم والجيش الشعبي لتحرير السودان، ما فتح الباب أمام انفصال الجنوب عام 2011، غير أن الانقسام لم يجلب الاستقرار المنشود، بل عمّق الأزمات السياسية والاقتصادية في البلاد.
وفي عام 2019، تحالف قائد الجيش عبد الفتاح البرهان مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) للإطاحة بعمر البشير، غير أن تحالفهما لم يدم طويلاً، فسرعان ما تفكّك بسبب الخلاف على تقاسم السلطة، ولا سيّما خلال مرحلة الانتقال إلى الحكم المدني، وهكذا تفجّرت في نيسان/أبريل 2023 حرب أهلية مدمّرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، بدأت من شوارع الخرطوم ثم امتدت إلى معظم أنحاء البلاد، وأسفرت عن مقتل آلاف المدنيين وتشريد ملايين السودانيين من ديارهم.
لقد كان من الواضح أنّ من أطاح بالبشير لم يفعل ذلك من أجل مصلحة السودان، بل لخدمة مشاريع القوى الاستعمارية الجديدة، وكالعادة كان الضحية هو الشعب البريء.
ومؤخرًا بينما كانت الأنظار تتجه إلى احتمال انهيار الهدنة في غزة، شهدت مدينة الفاشر السودانية واحدة من أبشع الجرائم، إذ شنّت قوات الدعم السريع هجماتٍ وحشية أودت بحياة آلاف المدنيين، واقتحمت المستشفيات وأعدمت المرضى والعاملين أمام الكاميرات، أيّ حقدٍ هذا؟ وأيّ وحشيةٍ تلك؟ وما يزال مئات الآلاف من السكان يعيشون تحت الحصار، في مشهدٍ ينذر بكارثة إنسانية شاملة.
الأدهى من ذلك أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان يحظى بدعمٍ سعودي، بينما تتلقى قوات الدعم السريع دعمًا مباشرًا من الإمارات، وهاتان الدولتان، ولا سيما الإمارات، أصبحتا رأس الحربة في تنفيذ مشاريع الفتنة داخل العالم الإسلامي، فكلّما وقعت مؤامرة أو انقلاب أو حربٌ داخلية في بلدٍ مسلم، نجد بصمات الإمارات في الخلفية، تموّل وتحرّك وتنفّذ ما تعجز عنه إسرائيل وأدواتها من مشاريع التدمير والانقسام.
واليوم، يقف المسلم حائرًا أمام هذا المشهد الموجع:
فعن أيّ مصيبةٍ يبكي؟
أيبكي على غزة؟
أم على الضفة الغربية ولبنان وسوريا واليمن؟
أم على تهديدات الحرب ضد إيران؟
أم على المآسي التي تعصف بالسودان؟
وفي خضمّ كلّ ذلك، يواصل الشريك الإمبريالي في جرائم الإبادة، أي الولايات المتحدة، مسيرة عدوانها، فها هي تبحث عن ذرائع لغزو فنزويلا، الدولة التي قدّمت الدعم الأكبر لغزة في وجه الاحتلال، وتشنّ ضدها هجمات متعددة الأشكال، وفي المقابل يخرج ترامب مهدّدًا باحتلال نيجيريا بحجة "حماية المسيحيين"، في تجسيدٍ صارخٍ لنفاق الغرب واستعلائه الاستعماري المستمر.
ونختم هذا المقال بكلمات خالدة للراحل الدكتور حسن الترابي الذي لخّص المشهد قبل عقود حين قال:
"إنّ الغرب يلعب شتّى الألاعيب لإبعاد الإسلام عن أن يكون بديلاً حقيقيًا، فيمارس ضغوطًا على حكّام العالم الإسلامي ليجعلهم طوع إرادته، ومن يرفض الخضوع يُسقطونه بشتى الوسائل".
سلامٌ ودعاءٌ لكلّ من بقي ثابتًا على الحق، ولكلّ من لم يمل إلى الظالمين ولو للحظة واحدة. (İLKHA)
 
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
ينتقد الأستاذ حسن ساباز عجز المؤسسات الدولية عن مواجهة الإبادة في غزة، مبرزًا شجاعة الصحفيين والإعلاميين الذين فضحوا جرائم الاحتلال رغم التهديد والقتل.
يحذر الأستاذ أحمد يلدريم من تأثير السرعة واللذة على حياتنا وأرواحنا، مشيرًا إلى أن التسرع والاستهلاك السطحي يحرمنا التفكير والشعور الحقيقي، ويؤكد أن السبيل للسلام الداخلي والسعادة الحقيقية هو إبطاء الحياة، والتحلي بالاعتدال، والتمتع بالوقت مع الأسرة بعيدًا عن الشاشات.
يؤكد الأستاذ محمد كوكطاش أن الكمالية تحوّلت من فكر سياسي إلى دين بديل يسعى لإزاحة الإسلام، مفروض على المجتمع والدولة منذ تأسيس الجمهورية، ويؤكد أن عداء الكمالية للإسلام ما زال قائمًا رغم تغيّر الأزمنة، وأن وعي المسلمين ضروري لمواجهة هذا الاحتقان المتجدد.