نُظِّمت في ديار بكر فعالية خاصة بالنساء تحت شعار "النجوم التي تضيء طريقنا"، ضمن برنامج "شهر الصحابة" الذي ينظمه وقف محبي النبي، حيث تم استعراض حياة السيدة نسيبة خاتون.

نظم وقف محبي النبي في ديار بكر فعاليات برنامج "شهر الصحابة" السنوي تحت شعار "النجوم التي تضيء طريقنا"، موجهة خصيصًا للنساء، حيث استعرضت حياة السيدة نسيبة خاتون كنموذج يُحتذى به.

وأُقيم الحدث في جامع كورشونلو التاريخي بمركز حي سور، وافتُتح بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم تواصلت الفعاليات بالأناشيد الدينية والأشعار، بالإضافة إلى تقديم فيديو توضيحي يجسد حياة عدد من الصحابيات، من ضمنهن السيدة خديجة، السيدة عائشة، السيدة حفصة، والسيدة أم سلمة.

وقدم الفيديو التوضيحي الشخصيات على النحو التالي: السيدة خديجة كرمز للوفاء والصدق، وأول من آمن بدعوة النبي، وملاذًا لكلمات الوحي الأولى.

أما السيدة عائشة فقد صُورت كمرآة تعكس نور العلم، حيث تعلمت القرآن بجوار النبي ونقلت للصحابة معرفة ودروس أخلاقية وهداية للمسلمين.

والسيدة حفصة قدمت كشخصية حافظة للقرآن وموصلة له للأمة، وزوجة وفية للنبي ومرشدة لأسرتها والأمة على حد سواء. بينما السيدة أم سلمة جسدت الحكمة والرشد، وساعدت الأمة في الأوقات الحرجة، وكانت مثالًا للعناية باليتامى والمربية الصالحة في بيت النبي، مقدمة نموذجًا يحتذى به للمؤمنين.

وفي البرنامج، الذي تم فيه تخصيص مساحات للأطفال للرسم والنشاطات الاجتماعية، تم أيضًا افتتاح بازار خيري. كما تم خلال الفعالية إجراء سحب على الجوائز، حيث فاز ثلاثة مشاركين بكتب ومسبحات إلكترونية.

وألقت الكاتبة، إسراء تورك، من مجلة "إنذار" كلمة بمناسبة اليوم، شاركت فيها حياة السيدة نسيبة خاتون والدروس المستفادة منها مع المشاركات.

وبدأت تورك حديثها بالإشارة إلى أن السيدة نسيبة كانت من الصحابيات اللواتي كن في نفس الطاولة مع النبي صلى الله عليه وسلم ولها العديد من الروايات، وأوضحت أن لقبها كان أم عمارة، وأنها من الصحابيات اللواتي اعتنقن الإسلام في سن متقدمة، وأنها تزوجت من زيد بن عاصم وأنجبت طفلين هما عبد الله وحبيب.

"بعد تعرفها على الإسلام، امتلأت السيدة نسيبة بحماسة الإيمان كما لو كانت فتاة شابة"

وذكرت تورك عن تعرف السيدة نسيبة على الإسلام: "تعرفت السيدة نسيبة على الإسلام في سن متقدمة خلافًا لمعظم الصحابة في مكة. عندما ننظر إلى الصحابة في مكة، نرى أنهم اعتنقوا الإسلام غالبًا في سن صغيرة وبحماس كبير. ومع ذلك، اعتنقت السيدة نسيبة الإسلام في الخمسينيات من عمرها. هذه نقطة مهمة جدًا؛ لأن الخمسينيات من عمر المرأة هي مرحلة يكون فيها الجزء الأكبر من حياتها قد اكتمل، ومسؤولياتها قد وصلت إلى مستوى معين. ومع ذلك، بعد أن تعرفت على الإسلام، امتلأت السيدة نسيبة بحماسة الإيمان كما لو كانت فتاة شابة، وتجددت حياتها بحبها وولائها للنبي ﷺ. أول تعرف للسيدة نسيبة على الإسلام كان عبر أسد بن زرارة من قبيلتها. ثم تعلمت الإسلام بعمق وقبلته بالكامل بفضل المعلم الذي أرسله النبي ﷺ، مصعب بن عمير. لقد قدم مصعب بن عمير رسالة وتعاليم نبينا بحب شديد، فلم تتمكن السيدة نسيبة وعائلتها من مقاومتها وقبلوا الإسلام".

"إحدى الصحابيات اللواتي أقسمن على فداء النبي صلى الله عليه وسلم بأرواحهن كانت السيدة نسيبة"

وأوضحت تورك أن السيدة نسيبة لم تكتفِ بالإيمان بمجرد اعتناقه، وقالت: "السيدة نسيبة لم تكن صحابية تقول 'آمنت وهذا يكفيني'. خلال بيعة العقبة الثانية، كانت من بين المسلمات اللواتي أقسمن على فداء النبي ﷺ ورعايته والحفاظ عليه بأرواحهن، وكانت إحدى الصحابيات اللواتي ضمن هذا القسم. كانت السيدة نسيبة سيدة ذكية وحكيمة، تخطط لأعمالها مسبقًا وتتوقع المستقبل. فكرت قائلة: 'لقد أحببت النبي، واعتنقت الإسلام مع أولادي وزوجي، لكن علي أن أراه وأتعرف عليه بعيني'. وعلى الرغم من سنها، تخلت عن خوفها وذهبت إلى النبي ﷺ، وكانت من أوائل السيدات اللواتي بايعنه وكن تابعاته. بعد بيعتها للنبي ﷺ، عادت السيدة نسيبة إلى مصعب بن عمير وسألته: 'يا مصعب، كيف حدثتنا عن نبيّنا؟' لقد قدم مصعب بن عمير صفات النبي ﷺ بطريقة رائعة ومؤثرة لدرجة أن السيدة نسيبة وعائلتها قبلوا الإسلام قبل أن يروا النبي. قالت السيدة نسيبة: 'والله يا محمد أنت أعظم مما وصفه مصعب؛ هناك الكثير من الجوانب التي لم يستطع مصعب وحده أن يشرحها، ولكن بعد أن رأيتك تعزز قلبي أكثر'، مؤكدة حبها وإيمانها بالنبي ﷺ".

"حب وإيمان السيدة نسيبة بالنبي ﷺ أصبح مثالاً مؤثرًا على من حولها"

واستمرت تورك في شرح حياة السيدة نسيبة كنموذج قائلة: "بعد اعتناقها الإسلام وعودتها إلى حياتها اليومية، كانت تخشى أن يقل حبها وولاؤها للنبي. كامرأة، وبين أعمال المنزل ومسؤولياتها، لم تكن تريد أن يفتر حبها للنبي. لذلك كانت تدعو الله أن يحفظ حبها وإيمانها بالنبي طوال حياتها.

حول المسجد النبوي، كان الشباب المسلمون يتعلمون العلم تحت إشرافها، ويتربون بالقرب من النبي، ويتعلمون القيم الأخلاقية والدينية. ومن خلال المجالس التي نظمتها في بيتها، ساهمت في تعليم الشباب، وزادت حب أولادها ومن حولها للنبي ﷺ. هذا يظهر لنا أن حب السيدة نسيبة وولاءها للنبي أثر على قلبها وقلب من حولها، ويمكننا نحن أيضًا أن نحافظ على حبنا حيًا ونعلم أولادنا ومحيطنا القيم الصحيحة".

"في غزوة أحد، شاركت السيدة نسيبة في القتال حول النبي ﷺ وساعدت في حمايته"

وتطرقت تورك إلى دور السيدة نسيبة في غزوة أحد قائلة: "ابنها عبد الله كان في سن القتال، فشارك في الجيش، أما ابنها الصغير حبيب فلم يشارك. حبيب بكى بشدة ورغب في القتال لحماية النبي، لكنه لم يقدر على المشاركة لصغر سنه. عند إرسالها لابنها وزوجها إلى الحرب، أظهرت شجاعة بفضل إيمانها وحبها. خلال غزوة أحد، قاتلت السيدة نسيبة حول النبي ﷺ وساعدت في حمايته. عندما تراجع المسلمون، كانت ضمن المجموعة حول النبي وبرزت بشجاعتها. على الرغم من عدم وجود درع معها، أخذت دور المحاربة لحماية النبي. ووفق الروايات، قاتلت بعض المشركين ومنعتهم من الوصول إلى النبي ﷺ".

"عاشت السيدة نسيبة حياة نموذجية بالإيمان والإخلاص والشجاعة؛ وكان أملها الوحيد أن تكون بجانب النبي ﷺ في الجنة"

وأوضحت تورك أنه بعد غزوة أحد، أشاد النبي ﷺ بإيمان السيدة نسيبة وشجاعتها، وأضافت تورك قائلة:

"ردت السيدة نسيبة على مديح النبي ﷺ لابنها، بأنها لا تطلب شيئًا من الدنيا للنبي ﷺ، وأن أمنيتها الوحيدة أن تكون قريبة منه في الجنة. وهذا يبيّن عظمة إيمانها وإخلاصها.

الدروس التي يمكن أن نستخلصها من حياة السيدة نسيبة هي:

• الإيمان الحقيقي: عندما اعتنقت الإسلام، لم يقتصر إيمانها على القول فحسب، بل عززته بالمشاهدة والتجربة الحية.
• الإخلاص: عاشت إيمانها وولاءها دون توقع أي مقابل، فقط لله ولرسوله.
• الشجاعة والتضحية: الشجاعة والتضحية التي أظهرتها في غزوة أحد هي تجلّيات عملية لإيمانها.
• التعليم والقدوة: كانت قدوة في الإيمان والشجاعة لأبنائها ومن حولها.

حياة السيدة نسيبة تُظهر أن النساء يمكن أن يكنّ فاعلات في الإسلام ويعشن إيمانهن بشجاعة. كما أن تضحيتهن وحبهن للنبي ﷺ، المرتبط برغبتهن في أن يكنّ جاراته في الجنة، حوّل حياتهن إلى قصة إيمان نموذجية".

واختتم البرنامج بالدعاء بعد كلمة إسراء تورك. (İLKHA)