من سنترال رمسيس إلى حرائق المصانع… من يعبث بمقدّرات الدولة ولمصلحة من؟

استنكر الكاتب والمحلل السياسي الأستاذ إسلام الغمري عدم صدور أي بيان عن الجهات الرسمية يكشف أسباب الحرائق الحاصلة في مصانع وفنادق ومخازن ومرافق خدمية أخرى في العاصمة المصرية القاهرة.
جاء في مقالة دورية حصرية لوكالة إيلكا للأستاذ "إسلام الغمري"، نائب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والإستراتيجية، ما يلي:
"تتوالى في مصر مؤخرًا حوادث مؤسفة، تمثّلت في اندلاع الحرائق داخل عدد من المنشآت الحيوية، كان أبرزها الحريق الذي طال سنترال رمسيس، أحد المرافق السيادية في قلب العاصمة، تلاه احتراق مصانع وفنادق ومخازن ومرافق خدمية أخرى في مناطق متفرقة. وعلى الرغم من ضخامة الحدث وتكراره، لم يصدر عن الجهات الرسمية بيان تفصيلي واضح يكشف أسباب هذه الحوادث أو الجهات المسؤولة عنها، بل اكتفى الإعلام المقرب من السلطة بإثارة الضجيج والحديث عن "مؤامرة كبرى" تستهدف الدولة، دون تقديم أدلة أو معلومات موثوقة.
وهنا، يصبح من الطبيعي أن يُطرح السؤال الجوهري:
من يعبث بمقدّرات الدولة؟ ولمصلحة من تُستنزَف رموز السيادة الوطنية في هذا التوقيت الحرج؟
أولًا: تكرار الحرائق… هل نحن أمام خلل عرضي أم سياسة منهجية؟
حين يقع حادث كبير في منشأة حكومية سيادية، يمكن اعتباره طارئًا يُعالَج بالإجراءات المعتادة. أما أن تتكرر هذه الحوادث في سلسلة متلاحقة، وفي منشآت متباينة الوظائف والمواقع، دون كشف أسباب واضحة أو إعلان نتائج التحقيقات، فإن ذلك يُثير الشكوك ويُضعف الثقة في المنظومة المسؤولة عن حماية هذه المقدّرات.
• هل نحن أمام عجز إداري بنيوي يكشف هشاشة البنية المؤسسية؟
• أم أننا بصدد صراع خفي داخل مراكز السلطة يُترجم على هيئة “رسائل نارية”؟
• أم أن هناك من يسعى إلى خلق بيئة فوضى خاضعة للضبط والتحكم لإعادة ترتيب المشهد السياسي؟
هذه التساؤلات تبقى مشروعة في غياب الشفافية والمحاسبة.
ثانيًا: مقدّرات الدولة… مسؤولية وطنية لا تحتمل المساومة
إن سنترال رمسيس، والمصانع الوطنية، والفنادق العامة، والمراكز الخدمية، لا تُعتبر مجرّد مبانٍ حكومية، بل هي رموز سيادة وأدوات تشغيل للمجتمع والدولة. حرق هذه المنشآت – سواء بفعل الإهمال أو القصد – هو تعدٍّ مباشر على حق الشعب في الأمن والاستقرار، وتهديد لبنية الدولة التي يفترض أن تكون مُلكًا عامًا لجميع المصريين.
من هنا، يصبح واضحًا أن العبث بالمقدّرات الوطنية ليس مجرد خطأ إداري، بل جريمة تمس كيان الدولة ذاته. وهي جريمة لا تسقط بالتقادم، ولا يجب أن تُغطَّى بشعارات فضفاضة أو خطابات إعلامية هروبية.
ثالثًا: ربط بقاء النظام ببقاء الدولة… مغالطة خطيرة
لوحظ أن بعض الأصوات الإعلامية، وبعض من يعبّرون عن مواقف السلطة، بدأوا في ترويج خطاب يُوحِي بأن النظام هو الدولة، وأن المساس برموزه هو مساسٌ بمصر كلها، وأن الخطر الذي يحيط بالسلطة يتهدّد الكيان الوطني برمّته.
وهذا – في الحقيقة – خطاب تضليلي يهدف إلى ابتزاز الرأي العام، لأن الدول تُبنى على المؤسسات لا على الأشخاص، وتقوم على القانون لا على الولاء، وتبقى بقاءً طبيعيًّا لا مرهونًا بوجود حاكم أو حكومة.
إن اختزال الدولة في شخص، أو في سلطة، أو في نظام بعينه، هو مقدّمة لتبرير كل الانتهاكات، وهو تمهيد نفسي للقبول بالاستبداد بدعوى “الحفاظ على الكيان”، بينما الحقيقة أن العبث بالمقدّرات هو أول أبواب سقوط الكيان نفسه.
رابعًا: من المستفيد من إشعال هذه الحرائق؟
من يراقب هذه الحوادث وتوقيتها، يجد أن المستفيد الأول من حالة الفوضى هو الجهة التي تسعى إلى:
• تشتيت الأنظار عن الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي تضرب المجتمع.
• فرض حالة طوارئ سياسية ناعمة تُبرّر استمرار القبضة الأمنية.
• إعادة رسم التحالفات الداخلية من خلال إضعاف مراكز نفوذ بعينها.
• تصدير الخوف للمجتمع بعبارات من نوع: “نحن أو الفوضى”.
وهذا كله، إن ثبت، يعني أن مقدّرات الدولة تُستخدَم كورقة ضغط داخل لعبة سياسية مغلقة، وهي ممارسة تمثل قمة الانحراف عن منطق الدولة الحديثة.
خامسًا: الدولة باقية… والأنظمة إلى زوال
من البديهي أن الأنظمة السياسية تتغيّر، والحكومات تتبدّل، لكن الثابت الوحيد هو بقاء الدولة بمؤسساتها ومقدّراتها وأمنها الوطني. ومن هنا، فإن أي محاولة لإشعال الحرائق – مادية أو معنوية – في جسد الدولة، ينبغي أن تواجه برفض شعبي وسياسي واسع.
المواطن المصري – أيًّا كانت خلفيته – يحق له أن يشعر بالأمان في دولته، وأن يرى مقدّراتها تُدار بعقل رشيد، لا تُحرَق بيدٍ خفية ولا تُهمَل بيدٍ مرتعشة.
الخلاصة:
ما يحدث من حرائق متكررة في منشآت حيوية لا يمكن أن يُعامَل كوقائع معزولة، بل ينبغي أن يُقرأ ضمن سياق سياسي أكبر يشهد ارتباكًا داخليًّا، وتحولات إقليمية، وضغطًا اقتصاديًّا خانقًا. ومن هنا، فإن السؤال الأهم لم يعد فقط: من أشعل الحريق؟ بل: لماذا يُترَك الحريق ليتمدد؟ ولماذا يصمت من يجب أن يتكلم؟
وفي هذا السياق، يجب أن يكون واضحًا للجميع أن:
مقدّرات الدولة خط أحمر… لا مساومة عليها، ولا عبث بها، ولا استخدام لها في معارك السياسة.
فالدولة ليست النظام، والمؤسسات ليست النظام، والمستقبل لن يُكتب على جدار من دخان.
بل يُبنى بإرادة شعب، يحمي دولته من كل من يراها مجرد وسيلة للحكم أو وقودًا للشرعية. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
أعلنت هيئة الأركان الأوكرانية وقوع نحو 200 اشتباك مباشر مع القوات الروسية خلال الساعات الماضية على مختلف الجبهات، خصوصًا في شرق وجنوب البلاد، فيما قالت وزارة الدفاع الروسية إنها أسقطت نحو 40 طائرة مسيّرة أوكرانية في مناطق متفرقة.
وقّعت باريس اتفاقًا مع الأطراف السياسية في كاليدونيا الجديدة يقضي بمنح الأرخبيل صفة "دولة ذات وضع خاص" مع احتفاظه بالارتباط بفرنسا.
اتهم تقرير حقوقي الاتحاد الأوروبي بالتواطؤ في انتهاك القانون الدولي من خلال اتفاقية طاقة مع الاحتلال الصهيوني تتجاهل السيادة الفلسطينية، وتطالب المنظمة بإلغائها فورًا.
أقام مستوطنون اليوم الأحد، بؤرة استيطانية جديدة على أراضي المواطنين في منطقة المنيا، جنوب شرق بيت لحم.