الأستاذ حسن ساباز: ابدأ بتغيير نفسك أولًا

يرصد الأستاذ حسن ساباز تراجع خطاب الهولوكوست بعد طوفان الأقصى وانكشاف تناقض الاحتلال الأخلاقي، ويدعو إلى توجيه الجهود نحو مقاومة الجناة بثبات دون تشتت أو تبادل للوم.
كتب الأستاذ حسن ساباز مقالاً جاء فيه:
بعد عملية طوفان الأقصى وما تبعها من مجازر وانتهاكات بحق المدنيين في قطاع غزة، بدا واضحًا أن الاحتلال الصهيوني لم يعد قادرًا، كما في الأعوام السابقة، على استحضار خطاب الهولوكوست واستثماره سياسيًا وأخلاقيًا.
لسنوات طويلة، كان هذا الخطاب أداة فعالة لجني المكاسب وابتزاز المجتمع الدولي، بينما استُخدم داخليًا لترسيخ شعور دائم بالمظلومية والاضطهاد، وقد كان من الملاحظ أن كل من حاول، من داخل المجتمع الإسرائيلي، مساءلة الذات انطلاقًا من معاناة الفلسطينيين، جوبه بردّ فعل عنيف، وتعرّض لحملات تشويه وإقصاء.
قبل نحو عقد من الزمن، تعرض ضابط رفيع في جيش الاحتلال لهجوم واسع بسبب تصريحه الذي قال فيه:
"الهولوكوست يجب أن يقودنا إلى تأمل روحي عميق في طبيعة الإنسان، ويحثّنا على إعادة التفكير جذريًا في كيفية تعاملنا مع الآخر، هنا والآن."
وقد قيل حينها إنه فقد الاتصال الوجداني بمجتمعه.
لكن منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، تغيّر الجو العام، فقد أصبح غالبية اليهود في الأراضي المحتلة يقدّمون دعمًا واسعًا للجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين، بما في ذلك أعمال القتل الجماعي والتهجير والتجويع.
إن المفارقة الصارخة تكمن في أن من اعتبروا أنفسهم ضحايا للطرد ومصادرة الأموال والجوع والتعذيب في معسكرات الاعتقال، يرون أن لهم الحق في تطبيق ذات الأساليب – بل وأكثر منها – على الفلسطينيين، دون شعور بأي تناقض أخلاقي.
ولا يمكن تخيّل مستوى الانحدار الإنساني الذي يجعل شعبًا يحتفل بإبادة مدينة كاملة، ويظهر مشاهد الابتهاج والتشفي عند مشاهدة المدنيين يموتون جوعًا تحت الحصار، ويُعلّقون ساخرين على معاناة من لا يجد لقمة يسد بها جوعه.
ورغم التعتيم الإعلامي المتعمد، فإن ما يجري في غزة شكّل صدمة أخلاقية كبرى لشعوب العالم، التي رأت على نحو غير مسبوق صورة عارية لنوع من السلوك البشري الذي يكشف عن أقصى درجات الانحطاط.
ولعل الردّ الطبيعي والأخلاقي على هذا الانكشاف، أن يُعامل هؤلاء المتورطون في جرائم الإبادة – أفرادًا وجماعات – كما يُعامل المصابون بالجذام الأخلاقي، وأن يُعزلوا ويُفضحوا، وسيبقى ذلك ضرورة إنسانية ملحة.
غير أن الأهم في هذا السياق، هو الحفاظ على دقة البوصلة، فالمرتكبون والمشاركون في المجازر سيسعون لاحقًا إلى تبادل الاتهامات والتنصل من المسؤولية، كلٌ يحاول تبرئة نفسه لكن ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ﴾ (يوسف: 21).
وعليه، فإن مسؤولية كل فرد في هذا الصراع هي أن يؤدي ما يستطيع، وألا ينشغل بلوم الآخرين، بل بالتركيز على العدو الحقيقي، أما إذا ساد منطق "لماذا لا يفعل الآخرون شيئًا؟" وانتقل الناس إلى جلد بعضهم البعض بدل مواجهة المجرمين، فسيؤدي ذلك إلى الإحباط، والضعف، والتشتت.
وذلك بالضبط ما يريده القاتل.
إن رفع الصوت بالحق لا يكون بالاتهامات المتبادلة، بل بالتشجيع والتوحد، وإن من أسباب الهزائم المتتالية التي أصابت الأمة الإسلامية، انحراف الولاء عن المؤمنين إلى الكافرين، وتوجيه السهام نحو الداخل بدل الخارج.
ويبقى السؤال الجوهري: هل نحن صادقون مع أنفسنا فيما نقول ونفعل؟ هل نحن ندعو الناس إلى الله، أم إلى أنفسنا؟ هل حاسبنا أنفسنا؟ ما معيارنا في ترتيب الأولويات واتخاذ المواقف؟
قال تعالى:
﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ (الأنفال: 46)
كما أن من الخطأ الاعتقاد أن غياب جماعة أو تيار أو طرف معيّن يعني نهاية الأمة.
﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾ (محمد: 38)
لهذا، فلتكن البداية من الذات: مراجعة للأهداف، ونقد للنيات، وإدراك لحقيقة أننا نعيش في دار ابتلاء، وسنُحاسب على ما فعلنا وما قصرنا فيه. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
يشدد الأستاذ محمد كوكطاش على أن الصلاة تظل محور حياة المسلم مهما كانت الانشغالات، حتى في قلب المعارك. ويذكّر بأن دعم قضايا الأمة، كغزة، لا يكتمل إلا بحفظ الصلة بالله وإقامة الصلاة.
يؤكد الأستاذ عبد الله أصلان أن السلام والاستقرار الحقيقيين في غزة والمشرق لن يتحققا دون محاسبة الاحتلال الإسرائيلي وتحرك دولي فعّال، مشيراً إلى أن الاعتراف بفلسطين وحده لا يكفي دون ضمان حماية أمنها واستقرارها.
كتب الأستاذ "إسلام الغمري" نائب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والإستراتيجية ضمن المقالة العاشرة من سلسلة (10 - 10) من سلسلة: من الأزمة إلى النهضة… رؤية إنقاذ وطن، ما يلي:
يسلط الأستاذ محمد كوكطاش الضوء على أن الله حكم على بني إسرائيل بالذل الدائم بسبب إنكارهم الأنبياء، وأن وعد أرض الميعاد قد تحقق وانتهى زمنه، ويؤكد أن دولة إسرائيل الحديثة نشأت بعد ألفي عام من التشتت والذل، وأن أعمالهم الحالية تعكس اضطرابًا وذلًا متكررًا لا عبادة حقيقية لله.