العدالة الاجتماعية… قلب مشروع الإنقاذ لا هامشه

أكد الأستاذ "إسلام الغمري" حلال مقالة لوكالة إلكا للأنباء أن الأزمة الاقتصادية في مصر لم تكن مجرّد خلل في الأرقام أو نقص في الموارد، بل نتيجة مباشرة لتغييب العدالة في توزيع الثروة والفرص، وإقصاء الأغلبية من ثمرة التنمية.
وجاء في المقالة (4-10) من سلسلة: "من الأزمة إلى النهضة… رؤية إنقاذ وطن" الحصرية لوكالة إيلكا للأستاذ "إسلام الغمري"، نائب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والإستراتيجية، ما يلي:
"(4 – 10) من سلسلة: من الأزمة إلى النهضة… رؤية إنقاذ وطن
تمهيد: حين تتآكل العدالة… يتصدّع الوطن
في أي لحظة تحوُّل تاريخية تمر بها الشعوب، تبرز العدالة الاجتماعية كميزان يقيس مدى صدق المشروع الوطني، وجدّيته، وقدرته على التأسيس لمستقبل جامع. وحين تُختزل العدالة إلى وعود انتخابية أو شعارات خطابية، بينما تتزايد الفجوة بين الفقراء والأثرياء، وتُوزّع الموارد بغير إنصاف، ويُحمَّل الضعفاء كلفة السياسات، فاعلم أن الوطن قد انكسر في جوهره، مهما بدت مؤسساته قائمة.
في مصر، لم تكن الأزمة الاقتصادية مجرّد خلل في الأرقام أو نقص في الموارد، بل نتيجة مباشرة لتغييب العدالة في توزيع الثروة والفرص، وإقصاء الأغلبية من ثمرة التنمية، وتحميلهم وحدهم كلفة الفشل والسياسات الخاطئة.
ولذلك، فإن أي مشروع إنقاذ جاد لا يمكن أن يضع العدالة الاجتماعية في الهوامش، بل في قلب المعادلة… لأنها ليست بندًا من بنود الإصلاح، بل هي معيار صدقه، وروحه الحقيقية.
أولًا: العدالة ليست إحسانًا… بل حق أصيل
طالما خُدع الناس بخطابات “الرحمة” و”المعونات”، وكأن الفقر قَدَرٌ لا علاج له إلا العطف المؤقّت، بينما جرى تغييب المفهوم الحقيقي للعدالة: أن تكون الثروة حقًا مشتركًا، وأن يكون لكل مواطن نصيب عادل من الفرص، لا من الفتات.
العدالة ليست صدقة من الحاكم إلى المحكوم، ولا مِنّة من الأغنياء للفقراء، بل هي قانون يضبط حركة الاقتصاد، ويوزّع العبء والمكاسب بعدل. وفي ظل الأنظمة التي تُخصخص الأرباح وتُعمّم الخسائر، وتُفصّل السياسات على مقاس الصفوة، تتآكل العدالة حتى تتبخر الدولة الاجتماعية.
ثانيًا: مظاهر اختلال العدالة في الواقع المصري
لم يأتِ تفجّر الغضب الشعبي من فراغ، بل من واقع تختلّ فيه المعايير على كل المستويات:
• ضرائب غير عادلة: تُثقل كاهل محدودي الدخل، بينما تُعفى الطبقات العليا عبر إعفاءات وامتيازات.
• خصخصة بلا رقابة: بيعت بها ممتلكات الشعب بثمن بخس، دون أن تنعكس على الخدمات أو الاستثمار.
• دعم مقلوب: يستفيد منه كبار المستثمرين، بينما يُرفع عن السلع الأساسية بحجة “ترشيد الإنفاق”.
• سياسات نقدية متوحشة: أضعفت العملة، ورفعت الأسعار، وضربت الطبقات الوسطى والدنيا.
وهكذا، صار الفقراء يدفعون كلفة القرارات، ويُطلب منهم الصبر، بينما يُمنح الأغنياء الأمن الاقتصادي والامتيازات.
ثالثًا: لا عدالة بلا كرامة… ولا كرامة بلا مشاركة
العدالة الاجتماعية ليست فقط عدالة في الأجور والدعم والخدمات، بل هي عدالة في الفرص، وفي الصوت، وفي صناعة القرار.
فالمواطن الذي لا يستطيع التأثير في السياسات التي تمسّ لقمة عيشه، هو في موقع المستضعف مهما طُبّق عليه من “برامج الحماية الاجتماعية".
وحين يُصادر صوت الفقراء من الحياة السياسية، وتُقصى النقابات المستقلة، وتُفرّغ الانتخابات من معناها، يتحول الفقر من أزمة مؤقتة إلى نظام مستقر لتوزيع الظلم.
رابعًا: طريق العدالة… يبدأ من أربعة مفاتيح
لا يمكن استعادة العدالة الاجتماعية بشعارات أو حملات دعائية، بل بمنظومة إصلاح شاملة تقوم على:
1.. إصلاح اقتصادي منتج لا جابي
الانتقال من اقتصاد ريعي يعتمد على الجباية والديون، إلى اقتصاد يُنتج، ويُشغّل، ويعيد توزيع القيمة لصالح الأغلبية.
2.عدالة ضريبية تصاعدية
لا يمكن بناء مجتمع عادل بدون نظام ضريبي يُحمّل الأغنياء العبء الأكبر، ويُخفّف الضغط عن الكادحين.
3.حماية اجتماعية حقيقية
شبكات أمان للفئات الأضعف، تتضمن تأمينًا صحيًا كريمًا، وتعليمًا مجانيًا فعّالًا، وسكنًا إنسانيًا، ونقلًا لائقًا.
4. مشاركة شعبية في القرار
بفتح المجال السياسي والنقابي والمجتمعي أمام كل المواطنين، ليكونوا شركاء في رسم السياسات لا ضحايا لها.
خامسًا: القوى الوطنية… من النقد إلى البناء
إنّ القوى الوطنية المستقلة، بما تمثّله من امتداد شعبي ومعرفي وتجريبي، مطالَبة اليوم بأن تقدّم تصورًا للعدالة لا يكتفي بالتشخيص، بل يضع خريطة طريق للإنقاذ، تُراعي التدرّج، والعدالة، وعدم التلاعب بالمشاعر.
فالفقر ليس قَدَرًا، والتفاوت ليس قانونًا طبيعيًا، بل نتيجة خيارات اقتصادية وسياسية يمكن تغييرها متى ما توفّرت الإرادة والرؤية.
والمطلوب من كل من يؤمن بهذا الوطن أن يُدرك أن العدالة ليست مَطلب فئة، بل مصلحة وطنية عليا، لأن المجتمع الظالم لا يستقر، والدولة التي تهمّش شعبها لا تدوم.
خاتمة: لا إنقاذ بلا عدالة… ولا نهضة بلا إنصاف
لا يمكن أن نتصوّر مشروعًا وطنيًا للنهضة، يُقصي فيه نصف الشعب من الحق في الحياة الكريمة، ويطلب منهم الصبر على الظلم، بينما ينعم الصفوة بالمناصب والثروات.
إنّ العدالة ليست خيارًا سياسيًا يُطرح أو يُؤجَّل، بل هي الشرط الأول لأي استقرار، وأساس أي نهضة، وروح أي دولة محترمة.
ومن هنا، فإن مشروع الإنقاذ لا يمكن أن يُكتب له النجاح، إلا إذا كانت العدالة الاجتماعية في قلبه، لا على هوامشه… في جوهر سياساته، لا في هوامش خطابه. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
أجرى الرئيس "رجب طيب أردوغان" اتصالًا هاتفيًا مع رئيس وزراء المملكة المتحدة "كير ستارمر".
تحدث "بهشتي إسماعيل سونغور"، المسؤول عن تنسيق "تحالف أسطول الحرية" في تركيا، حول التطورات المتعلقة بسفينة "حنظلة" التي انطلقت في محاولة لكسر الحصار عن غزة، قائلاً: "مهما كان الثمن، لن نتراجع عن فكرة كسر الحصار البحري عن غزة، وسنواصل إيصال هذا الغضب الشعبي المدني إلى حدود فلسطين، مهما كانت التحديات".
أعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة، ارتفاع حصيلة ضحايا حرب الإبادة التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني إلى "59 ألفاً و106 شهداء" منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
أعلنت منظمات المجتمع المدني في مدينة باطمان التركية عن تنظيم مؤتمر صحفي تضامني يوم الأربعاء، للتنديد بالحصار والعدوان المستمر الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة من قبل الاحتلال الصهيوني.